عليك الأمر فاعلم أنهم بهذا أقروا ثم توجهوا إلى غير الله يدعونه من دون الله فأشركوا.
القاعدة الثانية: أنهم يقولون ما نرجوهم إلا لطلب الشفاعة عند الله، نريد من الله لامنهم ولكن بشفاعتهم، وهو شرك، والدليل على ذلك قول الله تعالى: ﴿وَ يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَ يَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ قُلْ أَ تُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ﴾. وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفّارٌ﴾. وإذا عرفت هذه القاعدة فاعرف القاعدة الثالثة، وهى أن منهم من طلب الشفاعة من الأصنام، ومنهم من تبرأ من الأصنام وتعلق بالصالحين مثل عيسى وأمه والملائكة، والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَ يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَ يَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً﴾ ورسول الله لم يفرق بين من عبد الأصنام ومن عبد الصالحين، بل كفر الكل وقاتلهم حتى يكون الدين كله لله. وإذا عرفت هذه القاعدة فاعرف القاعدة الرابعة، وهى أنهم يخلصون لله فى الشدائد وينسون ما يشركون، والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمّا نَجّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾. وأهل زماننا يخلصون الدعاء فى الشدائد لغير الله.
فإذا عرفت هذا فاعرف القاعدة الخامسة، وهى أن المشركين في زمان النبى أخف شركا من عقلاء مشركى زماننا؛ لأن أولئك يخلصون لله في الشدائد وهؤلاء يدعون مشايخهم فى الشدائد والرخاء، والله أعلم بالصواب. انتهى بعينه ومينه لم نغير فيه شيئا إلا فساد القواعد العربية.
وقد سافر المرحوم سعيد باشا أيضا إلى مدينة السويس وأقام بها أياما، وذلك أنه رغب فى زيارة النبى ﷺ، فقام من مصر المحروسة