وأيضا فبعد أن قهر أوروبا أراد أن يستحوذ على باقيها، فابتدأ بالملة الأسبانيولية ولكن عاد ذلك بالوبال على الملة الفرانساوية، فإن الإسبانيوليين لحرصهم على الاستقلال وولههم به مثل الجرمانيين تواطؤوا رجال ونساء على الموت دون تسليم أنفسهم وبلادهم، فلما دخل الفرانساوية أرضهم قاموا عليهم قومة حمية للوطن، فلم يتركوا حيلة فى إهلاكهم إلا فعلوها، ولا طريقا إلا اقتحموها، وباعوا أنفسهم فى إهلاك الفرانساوية، فأبادوا أكثرهم فى أزقة المدن وفي القهاوى والخمارات والطرقات وفى الجبال والأودية، وفاق النساء فى ذلك الرجال، فلا يمر مار بجهة إلا ويجد الفرانساوية منجندلين تحت الصخور وفى الغابات والطرقات، فسقط فى يد نابليون وتقطعت به الأسباب وكثر همه وفكره، خصوصا بعد انقلابه من وقعة بايلان التى هى أوّل وقعة غلب فيها، فأخذ فى أسباب التخلص من هذه الورطة واجتمع بقرال الدولة الموسكوفية فى مدينة ايرفور، ولطمعه فى استمالة الدولة الموسكوفية إليه ترك المدافعة عن الدولة العلية ودولة السويد. وكانت هذه الفعلة خطأ ثانيا بعد خطئه الأول، وبعد أن توافق مع القرال اسكندر على تقسيم أوروبا بين الدولة الفرانساوية والموسكوفية سافر إلى إسبانيا، وبعد عدة وقعات دخل مدينة مدريد تخت المملكة وظن أنه استولى على هذه المملكة العظيمة، فتوّج أحد عائلته وجعله ملكا عليها، مع أن أهلها كانوا منتظرين حدوث حادثة يتخلصون بها. ولم يلبث إلا قليلا حتى قام الألمانيون والنيمسا بتحريض الإنجليز لهم واستعدوا لقتاله بجيوش قوية، فاضطر إلى رجوعه إلى فرانسا وجهز جيوشه وقام بها وصادم الأعداء فى عدة مواضع، وكابد مشقات عظيمة آلت إلى نصرته، فأخذ شهرته القديمة وقوى جانبه. ثم قام وضرب الحصار على مدينة ويينة تخت مملكة النيمسا وألجأهم للدخول فى قبضته وتحت حكمه. وأما قرال الموسكو فلم ينظر إلى التقسيم الذى جرى بينهما، بل انتهز فرصة اشتغال نابليون بأعدائه، وقام فوضع يده على القلاند والولاشي وأضافهم إلى ملكه. وأما الألمانيون فلم