وترص صناديق الكلاب بعضها إلى بعض. ومثل الكلب النمس والدب والذئب والثعلب، وكان الكلب رمزا للمقدس أنوبيس، فلذا كانوا يجعلون لتمثاله رأس كلب. ولما دخل جمشيد ملك الفرس أرض مصر وقتل العجل لم يقربه شئ من الحيوانات سوى الكلب، فإنه أكل منه فقل احترامه من يومئذ.
وأما النمس فقال إليان: إنه تارة يكون ذكرا وتارة يكون أنثى. فيكون أبا ويكون أما، وإذا تشاجرت النموس فالمغلوب ينقلب أنثى، وأنكر ذلك علماء الطبيعة. وقال أرسططاليس: إنه يلد مثل الكلب، وهو عدوّ الحية يكسر بيضها ويقتلها ويستعين عليها بجنسه بأن يصرخ صرخة فتجتمع عليه النموس، وقال إليان: إنه عند إرادة قتلها يلوث نفسه بالطين وقاية من لدغها ولا يظهر منه إلا فمه، فيلف ذيله عليه مرارا فلا يكون لها إليه سبيل فيهجم عليها ويقبض على رقبتها حتى تموت، وبذلك قال ديودور أيضا. قال هيرودوط: والنمس هو العدو الأكبر للتمساح يكسر بيضه، وإذا نام فى البر وفتح فاه فإنه يدخل فى جوفه ويقتله، وأنكر كثير من السياحين ذلك. وأما أم عرس فتدفن فى مدينة بوطو ومثلها الشاهين، وينقل الطير أبيس إلى مدينة هيروموبوليس. وفى كتاب العالم سوينى أن الطير أبيس الأسود يسمى إلى الآن باسم الحارث، فى نواحى دمياط ورشيد والمنزلة، انتهى.
وقال هيرودوط أيضا: إن هيرموبوليس اسم لثلاث مدن بديار مصر إحداها فى الصعيد الأعلى غربى النيل على تسعة وخمسين ميلا من مدينة ليوكبوليس، وموضعها مجهول، ولعلها هى المعدة لدفن هذا الطير، وكانت قريبة من محطة اييوم فى طريق القصير، والثانية فى الدلتا (أى روضة البحرين)، وكانت أسفل سمنود وشرقى مدينة بوطو، ولا يعلم موضعها أيضا، والثالثة فى كورة الإسكندرية غربي النيل وجعلها بطليموس رأس هذه الكورة، وسمى هيرموبوليس الصغرى وجعلها الأب سيكار نفس دمنهور، وجعلها غيرهما مدينة منيلاس، انتهى.