ورثاه جماعة من الشعراء. ولما مات ولى ابنه المهذب بن أبى المليح زكريا ديوان الجيش بمصر فى آخر الدولة الفاطمية، ولما قدم الأمير أسد الدين شيركوه وتقلد وزارة الخليفة العاضد شدد على النصارى، وأمرهم بشد الزنانير على أوساطهم، ومنعهم من إرخاء الذؤابة التى تسمى اليوم بالعذبة، فكتب لأسد الدين:
يا أسد الدين ومن عدله* … يحفظ فينا سنة المصطفى
كفى غيار شد أوساطنا* … فما الذى أوجب كشف القفا
فلم يسعفه بطلبته ولا أمكنه من إرخاء الذؤابة، وعند ما أيس من ذلك أسلم، فقدم على الدواوين حتى مات فخلفه ابنه أبو المكارم أسعد بن مهذب -الملقب بالخطير-على ديوان الجيش، واستمر في ذلك مدة أيام السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب وأيام ابنه الملك العزيز عثمان، وولى نظر الدواوين أيضا، واختص بالقاضى الفاضل وحظى عنده، وكان يسميه بلبل المجلس؛ لما يرى من حسن خطابه. وصنف عدة مصنفات منها «تلقين اليقين فى الكلام على حديث بنى الإسلام على خمس»، و «كتاب حجة الحق على الخلق فى التحذير من سوء عاقبة الظلم»، وهو كبير، وكان السلطان صلاح الدين يكثر النظر فيه، وقال فيه القاضى الفاضل وقفت من الكتب على ما لا تحصى عدته، فما رأيت والله كتابا يكون قبالة باب أحسن منه، وإنه والله من أهم ما طالعه الملوك، «وكتاب قوانين الدواوين»، صنفه للملك العزيز فيما يتعلق بدواوين مصر ورسومها وأصولها وأحوالها وما يجرى فيها، وهو أربعة