يستدعونهم للاتحاد معهم فى حرب العزيز، فامتنع عثمان بك حسن من الاستعانة بالكفار على المسلمين، وكان متورعا، وتبعه عثمان بك يوسف، واختلفت آراء الباقين ومنهم إبراهيم بك الكبير وشاهين بك الألفى، ثم اجتمعوا بالمشايخ وقالوا لهم: ما المراد بهذا الصلح؟ فقالوا: المراد منه راحة الطرفين ورفع الحروب واجتماع الكلمة، ولا يخفاكم أن الإنجليز تخاصمت مع سلطان الإسلام وطرقت ثغر الإسكندرية، وقصدهم أخذ الإقليم المصرى كما فعل الفرانساوية.
فقال الأمراء: إنهم أتوا باستدعاء الألفى، فقالوا: لا تصدقوا أقوالهم فى ذلك، وإذا ملكوا البلاد لا يبقون على أحد من المسلمين، وحالهم ليس كحال الفرانساوية، لا يدينون بدين ويقولون بالحرية والتسوية، وأما هؤلاء الإنجليز فإنهم نصارى على دينهم، ولا يخفى عداوة الأديان، ولا يصح منكم نصر الكفار، ووعظوهم وذكروا لهم الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الواردة فى ذلك.
وكان بصحبة المشايخ: مصطفى أفندى كتخدا قاضى العسكر يكلمهم باللغة التركية فقال الأمراء: إن كل ما قلتموه نعلمه، ولو تحققنا الأمن والصدق ما حاربنا، وسبق أنه اصطلح معنا، بإثر ذلك حاربنا ومنع عنا من أتى إلينا بحاجاتنا من مصر، ولا يخفا كم أنه لما أتى قبطان باشا ومعه الأوامر بالرضا والعفو الكامل عنا والأمر له بالخروج-لم يمتثل، وخدعنا وحصل ما حصل، فإن كان مراده بهذا الصلح ألا نلتحق بالإنجليز فنحن لا نستعين بهم، وإن كان مراده أن يعطينا بلادا فهذه البلاد بأيدينا، وقد عمها الخراب باستمرار الحرب، وقد تفرق شملنا وتهدمت دورنا، ولم يبق لنا ما نأسف عليه أو نتحمل المذلة من أجله، وقد مات إخواننا ومماليكنا فنحن نستمر على ما نحن عليه حتى نموت عن آخرنا، فقال الجماعة: هذه المرة هى الأخيرة لا شر بعدها ولا حرب، بل لا يكون إلا الصداقة والمصافاة ويعطيكم كل ما طلبتموه من بلاد وغيرها، بشرط أن تكونوا معنا بالمساعدة فى حرب الإنجليز ودفعهم عن البلاد، وتسيروا بأجمعكم من البر الغربى والباشا وعساكره من البر الشرقى، وعند انقضاء أمر الإنجليز ورجوعكم إلى بر الجيزة ينعقد مجلس الصلح، فانخدعوا