وعدة أهلها أكثر من ألفين لهم طباع عرب البادية، يميلون إلى ما كانت عليه أسلافهم من الخشونة والتوحش والانقياد لعوائد الجاهلية، ولهم قضاة يلقبونهم بالأجاويد يحكمون بينهم بقوانين معروفة عندهم فى غير الأنكحة والمواريث ونحوها، فلها حاكم شرعى، والغريب لا يمكّن من دخول البلد إلا بإذن الأجاويد بعد الوقوف على سبب طلبه للدخول. وكان طائفة الشبان من سن عشرين إلي أربعين لا يؤاخذون بما يفعلون ويسمونهم العسارة، لا يحلقون رؤسهم ولا يغطونها، وهم الذين يحضرون الغريب بين أيدى الأجاويد فلهم شبه بالمحافظين.
وقد استدل السياحون على آثار هيكل المشترى المعروف باسم أمون فى محل يعرف بأم بياضة، على بعد فرسخ ونصف فى الشرق والشمال من سيوه، وهناك مقابر كثيرة منقورة فى الصخر. وكان وادى سيوه مشهورا بأنه قاعدة هيكل المشترى ومحل إقامة كهنته، وكان لهذا المعبد ثلاثة أسوار ضلع أكبرها ثلثمائة وستون قدما وعرضه ثلثمائة، ومن بقاياه أودة سقفها ثلاثة أحجار كل حجر ثلاثة وثلاثون قدما وعرضه ستة وعشرون ووزنه مائة ألف ليورا؛ والليورا صنجة وزن كانت تستعمل قديما فى بلاد فرانسا، وكانت مختلفة القدر فى المديريات من ثلثمائة وثمانين جراما إلى خمسمائة واثنين وخمسين، وكانت فى بعض البلاد تنقسم إلى ست عشرة أوقية، وفى بعضها ثمانى عشرة، وفى بعضها اثنتى عشرة، وأما الليورا المستعملة فى النقود وتسمى ليورا المرك فهى ثمانية أواق من الاثنتى عشرة التى تنقسم إليها ليورا الملك شرلمانى، وعلى تلك الأحجار نقوش تدل على أنها من معبد أمون را المصرى الذى تسميه اليونان جوبتر آمون، وفى الجنوب الشرقى لهذه الآثار على قرب منها توجد العين التى تكلم عليها هيرودوط وغيره، وقد ذهب الإسكندر إلى هذا المعبد وزاره، ويقال إن لذلك سببين، أحدهما: أنه كان يدعى أنه من ذرية آمون وأن آمون جده والثانى: الاقتداء بالمقدسين اللذين ذهبا إليه وزاراه، وهما هيركول وبيرسة.