ونقل عن كنتكرس أن الإسكندر الرومى بعد أن استولى على الأقاليم القبلية رغب فى زيارة معبد جوبتر أمون، فقيل له: إن الطريق صعبة قليلة الماء شديدة الحر كثيرة الرمال يعسر المشى فيها، فلم يعطل ذلك همته بل قام للزيارة فركب النيل إلى بحيرة مريوط ومعه جملة من أتباعه، ومن هناك سافر يومين بدون كبير مشقة، ثم دخلوا فى الصحراء فإذا هى أرض مرملة لانبات فيها ولا ماء؛ فقاسى بمن معه ما لا مزيد عليه من المشاق، وفرغ ماء القرب منهم وضاق بهم الحال، وكادوا يموتون لولا أن أنزل الله عليهم المطر فاستقوا وملئوا قربهم وساروا فى القفار أربعة أيام حتى وصلوا أول وادى جوبتير أمون، فإذا هو واد ذو أشجار ذات ظل مديد ونباتات ومياه نابعة كثيرة وهواء رطب، فأخذهم العجب من وجود مثل ذلك فى وسط صحراء مقفرة، ووجدوا به سكانا يسمون الأمونسيين، مساكنهم العشش والزرابى المنتشرة تحت ظلال الأشجار، وفى وسط المساكن معبد يحيط به ثلاثة أسوار كالقلعة، فى الأول مساكن ملوكهم الأقدمين، والثانى وفيه المعبد مختص بالنساء والأولاد والعبيد، وفى الثالث المحافظون على هذا المعبد، وفى وسط الأشجار أيضا بقرب المعبد عين الماء المسماة بعين الشمس، التى كانت تسمع فيها المغيبات من هاتف أمون، وفيها الماء يكون فاترا فى الصباح، باردا وقت الزوال، حارا وقت الغروب، وشديد الحرارة فى نصف الليل. وقد رأى ذلك لينان باشا أيضا وقت ذهابه إلى تلك الجهات وقال: إنها عين كثيرة الماء تنبع بقوة، وهى أشهر عيون سيوة، وجميع عيونها تجرى فى واد اتجاهه إلى الغرب.
ونقل أيضا عن بعض أهالى سيوة وعن أمى بيك أنه يخرج من تلك العيون سمك صغير أسود أعمى. وذكر جانبليون أنه كان فى الواحات لمعبد آمون را مائة من القسيسين مختصون بخدمته، ولهم رئيس تختص به الكهانة، ثم إن التمثال المقدس فى هذا الموضع كان مصنوعا من الزمرد والأحجار الثمينة فى صورة الجمل. وكان القسيسون إذا أراد أحد الاستخبار منه يضعونه فى قارب