للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد بقى البريد إلى أن غلبت سطوة (بنى بويه) على الخلفاء، فبطل أمره وعوض بالسعاة، وفى زمن الأمراء الزنفية عوضت السعاة بالنجابة الراكبين على الهجن، وبقى ذلك إلى زمن الملك الظاهر بيبرس البندقدارى، واجتمع له الشام، ومصر وحلب، وشواطئ الفرات، فسير جيشه إلى الشام لمحاربة التتار، فرتب البريد ليتناول الأخبار، ومشى على ذلك من جاء بعده من الملوك إلى أن أغار تيمورلنج على الشام، وفى زمن الملك (الناصر فرج) سنة أربع وثمانمائة بطل البريد من مصر والشام، وإلى الآن مراكزه خالية من الناس والخيل، وتستعمل فى تقدير المسافات.

وفى كتاب «التعريف» أن المسافات لم تكن على قدر واحد، بل تختلف لقرب الماء وبعده وبحسب الموقع أيضا، وأن مباشر ديوان الإنشاء كان يلقب بأمير البريد، وأن أوراق البريد فى زمن السلطان بيبرس كان يكتبها كاتم السر أو نائبه، وكانت صورتها هكذا: قد أمرنا الأمير أخور فلان من رتبة كذا أن ينقل فلانا على حسب درجته على خيل بريد عددها كذا، بسبب أنه متوجه إلى جهة كذا فى أمر مهم، ثم يؤرخ ويمضى.

وقال صاحب مسالك الأبصار: إن نواب الجهات بحسب العادة كانوا يخبرون السلطان بجميع الأحوال المهمة الواقعة فى بلادهم، وينتظرون أمره فيجرون ما يأمر به، وكان بين التخوت والمدن فى جميع الطريق مراكز للبريد، ومتى وصل بريدىّ من مدينة إلى التخت يطلب إلى حضرة الأمير (جمداره) وهو أمير مائة، و (الدوادار)، وكاتب السر، فيقبل الأرض ويسلم الكتاب إلى الدوادار فيمسح به وجه البريدى ثم يسلمه إلى السلطان فيفتحه وكاتب السر يقرءوه ويتلقى ما يأمر به.

وقال أبو المحاسن: إنه فى زمن الملك المظفر «حجى بن محمد بن قلاوون» سنة سبع وأربعين وسبعمائة، ورد الخبر بخلل نظام البريد فى طريق