وجيوشنا كعدد الرمال ونحن أبطال وأقيال، وملكنا لا يرام وجارنا لا يضام وعزنا أبدا بالسؤدد مقام، فمن سالمنا سلم ومن رام حربنا ندم، ومن تكلم فينا بما لا يعلم جهل، وأنتم إن أطعمتم أمرنا وقبلتم شرطنا فلكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإن أنتم خالفتم وعلى بغيكم تماديتم فلا تلوموا إلا أنفسكم، فالحصون منا مع تشييدها لا تمنع، والمدائن بشدتها لقتالنا لا ترد ولا تدفع، ودعاؤكم علينا لا يستجاب فينا ولا يسمع، وكيف يسمع الله دعاءكم وقد أكلتم الحرام وضيعتم جميع الأنام، وأخذتم أموال الأيتام وقبلتم الرشوة من الحكام، وأعددتم لكم النار وبئس المصير، ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً﴾ (١)، فلما فعلتم ذلك أوردتم أنفسكم موارد المهالك وقد قتلتم العلماء وعصيتم رب الأرض والسماء، وأرقتم دم الأشراف وهذا والله هو البغى والإسراف، فأنتم بذلك فى النار خالدون وفى غد ينادى عليكم اليوم تجزون عذاب الهون، بما كنتم تستكبرون فى الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون، فأبشروا بالمذلة والهوان يا أهل البغى والعدوان، وقد غلب عندكم أننا كفرة وثبت عندنا أنكم والله الكفرة الفجرة، وقد سلطنا عليكم إله له أمور/، مقدرة وأحكام مدبرة، فعزيزكم عندنا ذليل وكثيركم لدينا قليل، لأننا ملكنا الأرض شرقا وغربا وأخذنا منها كل سفينة غصبا، وقد أوضحنا لكم الخطاب فأسرعوا برد الجواب قبل أن ينكشف الغطاء وتضرم الحرب نارها وتضع أوزارها، وتصير كل عين عليكم باكية وينادى منادى الفراق هل ترى لهم باقية، ويسمعكم صارخ الفناء بعد أن يهزكم هزا هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ذكرا، وقد أنصفناكم إذ راسلناكم، فلا تقتلوا المرسلين كما فعلتم بالأولين فتخالفوا كعادتكم سنن الأولين، وتعصوا رب العالمين فما على الرسول إلا البلاغ المبين، وقد أوضحنا لكم الكلام فأسرعوا برد جوابنا والسلام».