البناء عند طرا، وبنى هناك قلعة بحافة البحر، وجعل بها مساكن ومخازن وحواصل، وأنشأ حيطانا وأبراجا وكرانك، وأبنية ممتدة من القلعة إلى الجبل، وأخرج إليها الجبخانة والذخيرة وغير ذلك، وذكر أيضا فى حوادث سنة تسع عشرة ومائتين وألف، أن العزيز (محمد على) قبل جلوسه على تخت مصر، حضر عند الباشا وقبض منه خمسين كيسا وقيل ثمانين، ورجع إلى العسكر فجمعهم وفرّق فيهم الدراهم، واتفق معهم على الركوب على الأمراء القبالى الذين هجموا على طرا وملكوا البرج الذى من ناحية الجبل، وهم (صالح بك الألفى) وأتباعه، و (عثمان بك حسن) ومن انضم إليهم، فركب ومعه أربعة آلاف فارس وكان ذلك ليلا، فلما قربوا من الحرس ترجلوا وقسموا أنفسهم ثلاث فرق، ذهبت فرقة منهم جهة الدير، وفرقة جهة المتاريس، والثالثة جهة الجبل، و (صالح بك الألفى) ومن معه فى غفلتهم مطمئنين وكذلك حرسهم، فلم يشعروا إلا وقد صدموهم، فاستيقظوا وبادروا إلى الهرب، فملكوا منهم دير طرا وأبراجها، وأخذوا مدفعين وبعض أمتعة، وثمانية هجن وثلاثة عشر فرسا، وقتلوا منهم بعض أشخاص، ورجع (محمد على) ومن معه من العساكر على الفور من آخر الليل، ومعهم خمسة رءوس فيهم واحدة لم يعلم رأس من هى، والباقى رءوس عرب، انتهى.
وكان بطرا مدرسة الطوبجية، وهى مدرسة جليلة من إنشاءات العزيز محمد على، تربى بها جملة من الأمراء برعوا فى فنون الطوبجية، وقد تكلم عليها (الدكدور أجوس) فى سياحته. فقال: إن بها ثلثمائة وأحد وتسعين تلميذا، منقسمين إلى فصول وفرق، يتعلمون فنون العلوم والمعارف الطوبجية، على أيدى ثمانية وثلاثين من الخوجات الماهرين، منهم ثلاثة من الإفرنج.
قال: وقد امتحنتهم ووقفت على معارفهم، فأعجبتنى حالتهم وشهدت لهم بالبراعة ما بين معلم ومتعلم، وكان بطرا إذ ذاك ألايان من الطوبجية، وواحد بيادة وآخر سوارى، وكانت القرية بسبب كثرة من بها من العساكر، ومن يلحق بهم من العائلات والأتباع، عامرة آهلة كثيرة الحركة فى البيع والشراء تشبه