ويجتهدوا فى تحصيل العلم، فأقام معهم يباشر أمرهم فى التعليم والتعلم، والتدرج فى الفضل والتقدم، فكان أحيانا يباشر التعليم بنفسه، وأحيانا يقوم بمراقبة غيره من المعلمين، وملاحظة إلقاء الدروس، وتقويم طريقة التعليم.
فلم يزل على ذلك إلى أن ترقى الجناب الخديوى التوفيقى - حرسه الله - إلى رتبة الوزارة والمشيرية، وتوجه إلى دار الخلافة العلية لأداء رسوم الشكر على ذلك للجناب الرفيع السلطانى المعظم، فصحبه المترجم فى التوجه إلى دار السعادة والمقام بها والعودة.
وبعد مدة نقل إلى ديوان المالية سنة ١٢٨٦، فأقام أياما بغير عمل، ثم عهد إليه النظر فى أمر الكتب الموجودة فى ديوان المحافظة على ذمة الحكومة وإبداء رأيه فيها، فلبث مدة يتردد على ديوان المحافظة، وينظر فى هذه الكتب، ثم قدّم فى أمرها تقريرا مفصلا ضمّنه بيانها وما رآه فى حالها، وذكر فيه أن بقاءها كما هى لا يحسن ولا يصح لما بيّنه من عدم إمكان الانتفاع بها فى تلك الحالة وغير ذلك، وقرّر أنه من اللازم أن تجعل على حالة يتأتى معها انتفاع الناس بها إما بإنشاء محل خاص تحوّل إليه، ويجعل فيه ما فيه الكفاية لها من الدواليب، وتوضع بها على الوضع الموافق، وإما بإحالتها على المدارس لتودع فى المكتبة الجارى إنشاؤها فيها بمعرفة سعادة على مبارك باشا ناظرها إذ ذاك على سعة لا تضيق بهذه الكتب وأمثالها، وأوضح أن الوجه الثانى أولى. وقد حصل ذلك على وجه ما قرّره، وبذلك استنقذت تلك الكتب النفيسة من زوايا الخمول والإهمال والاكتتام، ورفعت على منصات الحسن والزينة والانتظام، ورتبت ترتيبا حسنا فى المكتبة المذكورة، وهى المكتبة الخديوية العمومية الشهيرة فى سراى درب الجماميز.
فلما أنهى هذه المأمورية، وكان المجلس الخصوصى الذى خلفه مجلس النظار فيما بعد مشتغلا بجمع القوانين واللوائح وقراءتها وتنقيحها وتعديلها، فطلب من المالية لأجل ذلك، وسلّمت إليه القوانين واللوائح التركية، فأخذ يشتغل بذلك إلى أن انفصل من الخدمة (فى أوائل رجب سنة ١٢٨٧)، ورتّب له معاش بقدر ربع استحقاقه، وبقى كذلك إلى آخر السنة المذكورة.
وفى أول سنة ١٢٨٨ جعل وكيل ديوان المكاتب الأهلية، وكان ناظر الديوان المذكور سعادة على باشا المشار إليه. وفى آخر صفر سنة ١٢٩٤ رقّى إلى رتبة المتمايز. وفى رجب سنة ١٢٩٦ صار وكيل نظارة المعارف العمومية، ورقّى إلى رتبة مير ميران، ثم ضمت إليه وظيفة الكاتب الأول بمجلس النواب مع بقاء الوظيفة المتقدمة الذكر.