وفى شهر ربيع الأول سنة ١٢٩٩ فوضت إليه نظارة المعارف العمومية فى ضمن النظار الذين كان منهم عرابى. وفى رجب سنة ١٢٩٩ استقال من وظيفته مع باقى النظار الذين كانوا معه بناء على ما حصل حينئذ من الفتنة والاضطراب والخلف بين النظارة والحضرة الخديوية، أثناء الحادثة العسكرية المشهورة.
وفى أواخر السنة المذكورة طلب إلى الضبطية وسجن فى ضمن من سجن ممن اتهموا فى الحادثة المذكورة من الأمراء والعلماء وغيرهم، وأوقف معاشه، وكان قد تكلّم فيه بعض من لا خير فيه من حاسديه بما ليس له أصل ولا ينطبق على حقيقة، فاتهم فيمن اتهم، وتكرر سؤاله واستجوابه فى لجنة التحقيق التى كانت قد فوّض إليها تحقيق تلك الأحوال، فلم يظهر عليه شئ يوجب المؤاخذة، فأفرج عنه، وخرج من السجن، وبقى معاشه موقوفا، وأراد لقاء الحضرة الخديوية فلم ينل، فنظم فى ذلك قصيدة بارعة يمدح بها الجناب الخديوى ويستعطفه، ويتنصل مما افتراه عليه المفترون نحا بها منحى النابغة فى اعتذارياته. وقد اشتهرت، هذه القصيدة وتداولتها الأيدى والألسن مع كونها لم تطبع، وستأتى مع غيرها. ولما عرضت على الجناب الخديوى أجلّها وأحلّها محلها، وسمح له بالمثول بين يديه، وأقبل عليه، ثم أعيد معاشه إليه، فنظم قصيدته التشكرية الطنّانة المشهورة كسابقتها ضمّنها واقعة الحال مع التنصل والشكر، فزادت عن تسعين بيتا، وأشار عليه بعض أصدقائه من كبار الأمراء بالاختصار، فحذف جملة من أبياتها، ثم أشار آخر بعدم مجاوزة العشرة ففعل واقتصر على عشرة أبيات، فى وزنها ورويّها أدمج فيها بيتين، فنّها وهى هذه:
ألا إن شكر الصنع حق لمنعم … فشكرا لآلاء الخديو المعظم
مليك له فى الجود فضل ومفخر … على كل منهلّ من السحب مرهم
بعيد مجال الشوط فى كل غاية … من الفخر، دان للندى والتكرّم
تلافى أمور الملك خوف تلافها … بحكمة وضاح من الرأى محكم