عمارة تشتمل على جملة قباب من الطوب، بقربها جبل عال فى أسفله جملة صهاريج، أكبرها يسمى المطفلة، وبعد قليل يتوصل إلى وادى مخائيل على بعد مائة وسبعة وعشرين ميلا من برقة على قول الإدريسى، وسماه (برت) فى سياحته وادى مخفى وفى هذا الوادى قصر وسوق عامر، وبقربه جملة صهاريج وحيضان وليس به عيون ماء، وهو موضع كثير الخير والأشياء فيه رخيصة ومنه إلى الأجدبية خمسة أيام.
ومن هناك يتوصل إلى برقة وتسمى فى لغة الروم بنطابوليس، يعنى الخمس مدن، لأن بنطا/معناها: خمسة، وبوليس معناها: مدينة، ودخلها (عمرو بن العاص) سنة إحدى وعشرين من الهجرة، وصالح أهلها على ثلاثة عشر ألف دينار، ولأجل تحصيل هذا المبلغ، رخّص لهم فى بيع من شاءوا من أولادهم، قال (الليث بن سعد): كتب عمرو بن العاص على لواته: فى شرطه أن يبيعوا أبناءهم فيما عليهم من الجزية، وسمع (عمرو) يقول على المنبر لأهل بنطابلس (١) عهد يوفى لهم به.
ووجه عمرو (عقبة بن نافع) حتى بلغ زويلة، وصار ما بين برقة وزويلة للمسلمين، ومدينة برقة واقعة فى صحراء حمراء التربة والمبانى، فتحمر لذلك ثياب ساكنيها والمتصرفين فيها، وعلى ستة أميال منها الجبل، وهى دائمة الرخاء كثيرة الخير تصلح بها السائمة وتنمو على مراعيها، وأكثر ذبائح أهل مصر منها، ويحمل منها إلى مصر العسل والقطران، وهو يعمل فى قرية من قراها يقال لها (مقة)، فوق جبل وعر لا يرقأ إليه فارس بحال، وهى كثيرة الثمار من الجوز والأترج والسفرجل وأصناف الفواكه، وبمدينة مقة قبر (رويفع) صاحب رسول الله ﷺ، وحول مدينة برقة قبائل من لواتة والأفارق واسمها بالرومية الإغريقية، وفى الطريق من برقة إلى إفريقية، وادى (مسويين) فيه قباب خربة، يقال إن عددها ثلثمائة وستون، وفيها بساتين.