فإن كنت قد آثرت ما قال قائل … ففى عفوك المرجو ما يمحق الوزرا
فعفوا أبا العباس لا زلت قادرا … على الأمر. إن العفو من قادر أحرى
ملكت فاسجح وامنح العفو تبتغى … زكاة لما أولاك ربك أو شكرا
وهبنى من تقبيل يمناك راحة … تمنيتها أرجو بها اليمن واليسرا
وحسبى ما قد مرّ من ضنك أشهر … تجرعت فيها الصبر أطعمه مرا
يعادل منها الشهر فى الطول حقبة … ويعدل منها اليوم فى طوله شهرا
أيجمل فى دين المروءة أننى … أكابد فى أيامك البؤس والعسرا
وأحرم من تقبيل كفّك بعد ما … ترامت بى الآمال مستأنسا برّا
ولى فيك آمال ضمينى بنجحها … وفاؤك لا أرجو سواك لها ذخرا
وقد مرّ لى فوق الثلاثين حجة … بخدمة هذا الملك لم آلها صبرا
أرى الصدق فرضا والعفاف عزيمة … ونصح الورى دينا وغشّهم كفرا
وجاوزتها لا لى عقار يفيدنى … كفافا ولا فى الكفّ قد أبتغى وفرا
ولو شئت كانت لى زروع وأنعم … ومال به الآمال أقتادها قسرا
ولكنها نفس فدتك أبية … تعاف الدنايا أن تمرّ بها مرا
فمنّ فقد ألفيت موضع منّة … وربك لا ينسى لذى منّة أجرا
فلا زلت مأمولا مرجّى مهنأ … بما ترتجيه العام والشهر والدهرا
(وأما التشكرية الطويلة الأصلية فهاهى):
لى الله من عانى الفؤاد متيم … ولوع بمغرى بالدلال منعم
وفىّ كما شاء الغرام ولو رمى … بى البين غدرا بين أنياب ضيغم
صبور على جور الغرام وعدله … شكور على زور الخيال المسلم
وقد عشت عمرا أتقى عادى الهوى … وأسحب أذيال الخلى المسلم
ألوم على دين الصبابة أهله … وأسخر من حال العميد المتيم
إلى أن رمى قلبى هواك بأسهم … تلتها يد البين المشتّ بأسهم
فأصبحت ألحى بالذى كنت لاحيا … عليه وأرمى بالذى كنت أرتمى
أعدّ عذاب الحب عذبا وبؤسه … نعيما، ومن يبل الصبابة يعلم
بلوت الهوى حتى عرفت صروفه … جميعا على الحالين بؤس وأنعم
فلا النأى بى ينأى عن الوجد والهوى … ولا القرب بى يدنو لبعض التبرم
نأيت بقلب فى حماك مشيع … وعدت بقلب فى ذراك مخيم