وأرعدت الأرض السماء وأبرقت … بصيّب ودق للمنية ينهمى
وجاوب أصداء البنادق مثلها … نداء فما يبقين غير مكلم
ونازع فيها ابن الكروب نديده … رسائل ليست للتودّد تنتمى
ولولاك لم ترفع من النصر راية … لجند، ولم تفتح مغاليق معصم
بعزمك صال السيف، واشتجر القنا … وعبّ عباب الجيش والحرب تحتمى
فلما تداعى الشر واضطربت به … قوائم قوم من جبان ومقدم
وأصبح ما بين المهنّد والطلى … من القرب أدنى من بنان لمعصم
عفوت، وكان العفو شيمة قادر … ولو شئت أشرقت الصوارم بالدم
وشالت بأطراف الرماح جماجم … تميد بأعطاف الوشيج المقوم
وشالت بأشلاء الرجال أباطح … فأشربن ماء النيل صبغة عندم
وطلّت دماء ما تزال مصونة … وطاح برئ تحت أثواب مجرم
أبت ذاك نفس برّة دينها التقى … وقلب يخاف الدهر غشيان مأثم
سجية مطبوع على الخير راحم … ومن يرج رحمن السموات يرحم
إليك أبا العباس أزجى نجائبا … من الشكر لم تعلق بها نار ميسم
كرائم تقفو إثر غرّ كريمة … سوالف قدما حزن فضل التقدم
ضممن إلى شرق البسيطة غربها … فلم تبق فيها مجهلا غير معلم
فأنت الذى أوليتنى الخير منعما … ولست الذى يرضى بكفران منعم
وطوّقتى الآلاء قدما وحادثا … وذو الطوق مشغوف بفضل الترنم
وأنت وربى الله مولاى لم أزل … إلى خير شعب من ولائك أنتمى
فلا تستمع فى العبد غىّ مفند … ركيك أواخى النطق أعجم مفحم
حسود يرى النعماء فى عينه قذى … فناظره من طول ما قد رأى عمى
رمانى بهجر القول لا درّ درّه … ولو رمت قول الهجر لم يستطع فمى
أأنطق لغوا بعد كل منضد … من المدح فى جيد الزمان منظم
تسير به الركبان ما بين منجد … وآخر يبغى الغور منهم ومتهم
يزيد على كرّ الحديدين جدة … ويصرم عمر العصر غير مصرم
حلفت بما ضم الكتاب وما وعت … صحائفه من صادق القول محكم
لقد كذب الواشون فيما سعوا به … من الغىّ فى طىّ الحديث المرجم
وقد وسمونى بالذى اتسموا به … وما القول إلا لبسة المتكلم
وقد غرّهم إصغاء سمع وراءه … فؤاد له عين على كل مبهم