للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البعد بين الخراب الموجود فى الأقصر والكرنك ومدينة آبو والقرنة، وبين أسوان هو هذا المقدار ولا مخالفة بينهما إلاّ بشئ يسير، وحينئذ تكون هذه المواضع الأربعة، معينة لموضع تخت الديار المصرية القديم، وأطلال الهياكل والتماثيل، وباقى المعابد والأماكن والآثار، الموجودة فى هذه المواضع دون غيرها، تدل على ذلك أيضا، ويؤيده ما يؤخذ من قول استرابون وديودور الصقلى وغيرهما، فإن ديودور ذكر أن محيط مدينة طيوة كان مائة وأربعين استادة، يعنى أربعة عشر ألف متر، وهذا المحيط وجد على خريطة الفرنساوية مشتملا على الأقصر والكرنك، ومدينة آبو والقرنة، وعلى تربة فرعون مصر أوزيمندياس، وسراية ميمون، وأن آثار هذه المدينة كانت موجودة فى زمنه، ممتدة على ساحل النيل نحو ثمانين استادة.

ومعلوم أن هذا المؤلف كان يستعمل فى تقديراته الغلوة أو الاستادة الداخلة فى محيط الدائرة الأرضية ٢٥٢٠٠٠ مرة، وضبط مقدار ذلك فى فرانسا فوجد ١٨،٥٧٢، فيكون طول الأرض التى بها الآثار القديمة بناء على ذلك ١٢٦٩٨.

ولأجل معرفة عظم اتساع هذه المدينة، نذكر لك سعة بعض مدن مصر، لتعلم بمضاهاتها بها قدر عظمها، فنقول: من مدن مصر مدينة منف، قال ديودور: إن محيطها كان ١٥٠ استادة، وهو عبارة عن ١٥٠٠٠ متر، لكن لا يمكن تحقيق ذلك الآن، لأن هذه المدينة قد محيت آثارها بالكلية، وصار موضعها أرض زراعة، ويؤخذ من كلام بطليموس أن محيط مدينة الإسكندرية كان مائة وأربعين غلوة وذلك عبارة عن أربعة آلاف متر، ومحيط القاهرة التى هى تخت الديار المصرية الآن ١٣٥٠٠، بما فيه من الإعوجاج الموجود بالمحيط الذى حول البلد، وبمضاهاة تلك المقادير لكل من هذه الثلاث مدن بعضها ببعض، يعلم أنها متقاربة، ومساحة مدينة طيوة المشغولة بالكرنك والأقصر والقرنة وآبو، قد حسبت فوجدت ١٧٢٦٠٠٠٠ متر، وهذا قريب من المائة والأربعين استادة بجعلها قطر الدائرة، فإن هذه المساحة تقرب من ستة