للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منعزلة وبها معابد للعبادة، ومن حيث أنها بحسب نقطتها شديدة الحرارة، فلا يظن أن أهلها يوسعون حاراتها وأزقتها كما يشاهد ذلك فى جميع المدن المشرقية، فإن العادة الجارية عندهم، جعل الحارات الفاصلة للمنازل ضيقة فى جميع البلد، ما عدا اليسير كمواضع التجارة والمواسم، فإنها تكون متسعة قليلا، وقال بعض شراح أميروس: إنه كان بمدينة طيبة ثلاثة وثلاثون ألف حارة، والأرض المشغولة بالبناء مساحتها ثلاثة آلاف وسبعمائة أدور، وكان لها مائة باب، وعدد أهلها سبعة ملايين من الناس، وكان الباب يخرج منه عشرة آلاف رجل، وألف فارس، ومائة عربة حربية متسلحة للقتال، ولا يخفى ما فى هذه العبارة من المبالغة، التى بلغت أوج سماء الكذب، فإن مدينة باريس التى سعتها أكبر من هذه المدينة مرتين، كانت فى سنة ١٨٠٠ ميلادية لا تشتمل على أكثر من ألفى طريق، ما بين شارع وحارة، ومدينة لوندرة ليس فيها إلا عشرة آلاف حارة، مع أنه لا توجد مدينة الآن أكبر منها سطحا، بل لا يتصور وجود مليون من العسكر داخل مدينة واحدة، فضلا عن وجود سبعة ملايين، فالذى يظهر أن هذا الشارح لم يمعن النظر فى عبارة المؤلف أميروس، بل أخذها بدون تأمل فأخطأ، أو أن عبارة المؤلف المذكور فيها تحريف، والظاهر أن إقليم مصر كله كان يسمى باسم تخت طيبة، كما يؤخذ من قول هيرودوط وأرسططاليس، كما أن اسم مصر الآن يطلق على جميع الإقليم مع التخت، فيحتمل أن تكون السبعة ملايين هى أهالى القطر كما ذكر ذلك ديودور، فإنه قال: إن أهل القطر لا يبلغون ذلك العدد إلاّ فى وقت أعظم عمارته، وكانت الأهالى وقته لا تزيد عن ثلاثة ملايين، فلعل الشارح ترجم لفظة بلد أو قرية بحارة، فإن فى مؤلفات (تيوكريت): أن عدد المدن والقرى بمصر ثلاثة وثلاثون ألفا، والظاهر أن ديودور كان مستندا لذلك أيضا وعلى كل حال لا يخلو كلامه عن المبالغة، فلا بد أنه كتب فى تاريخه كما سمع من الكهنة، وهم إما كاذبون