مقيما بهذه المدينة أن المصريين كانوا يعلمون فن النقش والرسم قبله بعشرة آلاف سنة، وقال أرباب الفلك فى زمننا هذا: إنه يستنبط من الآثار الفلكية المرسومة فى البرابى، أنه مضت قرون عديدة على الأمة المصرية، وهى على معرفة بعلوم وفنون شتى، وأنها إحدى الأمم المشهورة قديما، ومن ذلك يعلم أن الوقت الذى أنشئت فيه هذه المدينة سابق على تاريخ الأمة اليونانية بكثير مع أنه وجد فى بعض مبانيها ما هو منقول من مبان سابقة عليها، ويمكن أن تلك المبانى منقوله أيضا من مبان غيرها وهكذا.
وهذا كله لا يعلم منه مبدأ انشائها واتفق الكل على أنها قديمة جدا، وأن ملوك العائلة الحادية عشرة والثانية عشرة، أسسوا فيها حكومة مستقلة عن/ حكومة منفيس، وكان ذلك قبل المسيح فيما بين ألفين وخمسمائة سنة وألفين وتسعمائة، وأنها فى زمن العائلة الثالثة عشرة صارت تختا لجميع الأقطار المصرية، ويظهر أنها قبل أن تكون تختا، كانت مشهورة أيضا بين مدن الصعيد، وبقيت لها شهرتها ألفا وسبعمائة سنة قبل إغارة الهكسوس على مصر، وكذا بعد طردهم عنها إلى آخر ملوك العائلة العشرين، وذلك قبل المسيح بألف ومائة وعشر سنين، وهذا يبين سبب ذكر هيميروس الشاعر لها دون أن يتكلم على منفيس، وأن أوّل ملك أخذ فى بناء المعبد الكبير المجعول للمقدس آمون رآ [رع]، هو الملك أوزرتازان الأول من العائلة الثانية عشرة، وذلك قبل المسيح بألفين وثمانمائة سنة، وكل واحد من خلفائه أضاف إليه شيئا من هذا البناء العجيب، وعلى الأخص فراعنة العائلة الثامنة عشرة والتاسعة عشرة الذين جلسوا على تخت مصر بعد طرد الرعاة عنها، قبل المسيح فيما بين ألف وثلثمائة سنة وألف وسبعمائة سنة.
وفى تلك المدة كانت منفيس هى التخت، وفى زمن الرمامسة وهم ملوك العائلة التاسعة عشرة والعائلة العشرين، كما فى كتاب منيتون، ظهرت العائلة الحادية والعشرون فى الجهات السفلى من مصر، وجعلوا تخت ملكهم