للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منفيس، وذلك قبل المسيح بألف ومائة وعشر سنين، وقال بعض المورخين:

إن هذه المدينة لم تكن تختا للديار المصرية خاصة، بل كانت بلاد النوبة والحبشة داخلة ضمن هذه المملكة، وقد كانت مملكة الحبش معدودة من ضمن البلاد التى افتتحها سيزوستريس، وآثار المبانى العتيقة الموجودة خلف الشلال تشهد بذلك، وكذلك كانت الحبش زمن البطالسة تحت حكومة مصر، ويدل له وجود اسم بطليموس أفرجيت، على بعض آثار مبانى مدينة أكسيوم وجميع السياحين الذين وطئوا بلاد الحبش لم ينسبوا لها تمدنا سابقا على تمدن مصر أصلا، بل اتفقوا على أن تمدنها إنما طرأ لها من أهل مصر.

ولا مانع من أن بعض أهالى الحبش هاجر إلى مصر واستوطنها فى الأحقاب الماضية، ويؤيد ذلك أيضا قول ديدور الصقلى، أن وجود صور الحيوانات التى لا توجد إلا فى الحبش، مرسومة على جدران المبانى المصرية أدل دليل على أن المصريين حكموا تلك البلاد، وقال بعض من تكلم على مصر من المؤرخين: أن أول من سكن أرض مصر هم الحبش، وأنهم الذين أورثوها العلوم والفنون وجميع أنواع التقدم، ولا وجه لصحة ذلك، لأنه لو ثبت لوجد فى بلادهم أبنية عتيقة سابقة على مبانى مصر، على أن جميع صور الآدميين المرسومة على الجدران والتماثيل والهياكل، لا نسبة بينها وبين صور العبيد أصلا، بل هى قريبة من صور موتى المصريين المخرجين من مقابرهم، ووجوه التماثيل شديدة الشبه بوجوه سكان آسيا، ولا مانع من أن المصريين كانت أصولهم من آسيا، كما قال بذلك كثيرون ممن لهم علم بالكتابة المصرية القديمة عند رؤيته ما سطر على جدران المبانى العتيقة، ومن زعم أن مصر فى الأعصر الخالية كانت منفردة، لا علاقة بينها وبين ما جاورها من الجهات، وأنها كانت مكتفية فى تجاراتها بالمبادلات الداخلية بين مديرياتها، لا أصل له بل وصولها إلى هذه الدرجة الراقية إلى أقصى الثروة، يقضى بأنه كان بينها وبين الأمم الأخر علائق تجارية وغير تجارية، وما استدل به على