يوجد فى الوادى الغربى مع قبور الملوك القريبين من عصره، فاللائق حينئذ الحفر فى الوادى الغربى الذى هو وادى الملكة، لا فى وادى الملوك، ثم أن أعظم جميع هذه القبور وأشهرها، هو قبر (سيتا الأول)، وقد استكشفه السياح (بلزونى) منذ خمسين سنة، وعند فتحه وجد به أمارات تدل على أن غيره عثر عليه قبله، وفيه نقوش هائلة تدهش العقل مغايرة لنقوش قبور صقارة وقبور بنى حسن، ففى هاتين يرى الميت كأنه مع أهله، والكل مشتغلون بأمور منزلية كالمفروشات والأوانى، والزرع والحصد والصيد، وتربية الحيوان من بهائم وطيور، وفى مقابر بيبان الملوك يرى صور المقدسين بهيئات مستغربة عجيبة، وصور ثعابين هائلة، كأنها تجرى فى أطراف المحل، وفى السقوف والأرض، وصور أناس يعذبون، البعض تقطع رأسه والبعض يلقى فى النار وغير ذلك من أنواع العذاب، فالمطلع عليها إن لم يكن عالما بالديانة المصرية القديمة ورموزها، يحصل له انزعاج وحيرة، وكذا ما يؤخذ من كلام المؤرخين: أن المصريين كانوا يتحاكمون فى الميت بعد موته، ليعلموا بذلك من يستحق الدفن من غيره، فهو أيضا مما يوقع فى الحيرة، ولكن جميع هذه الأمور إنما هى رموز وإشارات لما يحصل للميت بعد الموت، فجميع النقوش التى على جدران القبر من ابتداء باب الدخول إلى آخر مقره، إشارات للأحكام المتعلقة بالروح بعد مفارقة الجسد بحسب ما اكتسبته فى دار الدنيا من خير وشر، مثلا الثعابين التى ترى فى القبر كأنها تبخ سمها، رمز لأول عقبة سماوية للروح فى صعودها للسماء، فإن لم تكن من أهل الخير منعها أهل هذه العقبة من الصعود، فإذا كانت من أهل الخير صعدت إلى العقبة الأخرى وهكذا، فإذا خلصت من جميع العقبات كانت من أهل الخير وصارت من المقدسين، وتسبح مع الروحانيات فى عالم الكواكب الذى لا ينتهى، فالأود التى فى القبور إشارة إلى العقبات، والنقوش التى على الجدران كأدعية وابتهالات تقولها الروح