بخلاف سراى الكرنك، فإن سورها يشتمل على مبان كثيرة قريب بعضها من بعض، وإن امتازت عمارة مدينة تدمر بكثرة العمد التى كل واحد منها قطعة واحدة، وتمتد على جانبى الطرقات الثلاث الموصلة إلى باب النصر، ويشغل طولها ألفا ومائتين وتسعة وعشرين مترا، وعدد العمد ألف وأربعمائة وخمسون، والباقى منها إلى سنة ألف وثمانمائة ميلادية مائة وتسعة وعشرون عمودا، فمدينة الكرنك تنافسها وتمتاز عليها بطرقها المزينة فى جوانبها بصور أبى الهول، فإن هذه الصور لو وضع بعضها بجوار بعض، لشغلت من الفضاء نحو ألفين وتسعمائة وخمسة وعشرين مترا، وأحد هذه الطرق طوله ألفا متر، وعدد ما كان موجودا من هذه التماثيل، لم يكن أقل من ألف وستمائة، وكان الموجود منها إلى سنة ألف وثمانمائة مائتى تمثال، ولا شك أنها تحتاج لعمل ومادة أكثر مما تحتاجه عمد تدمر، وإذا كان فى تدمر آثار هائلة، وعمد من الصوان ضخمة قطعة واحدة، فالكرنك التى هى بعض مدينة طيبة، كان بها معابد كثيرة وأبواب نصر، وأبواب ضخمة شاهقة، وأكثر من أربعين تمثالا كل واحد قطعة واحدة من الصوان، وفى تدمر عمودان اثنان من عمد النصر، ارتفاع الواحد تسعة عشر مترا، وفى الكرنك أعمدة نصر كثيرة أكبر منهما فإن ارتفاع كل واحد منها اثنان وعشرون مترا، وكانت مزينة لطريق كاملة تكتنف جوانبها، ومما تفوق به طيبة على تدمر أنه كان بها ثمان مسلات كل واحدة من حجر واحد، وكان الموجود منها فى سنة ألف وثمانمائة، أربع مسلات ارتفاعها فوق ما يتصوّره الإنسان، وكان بها سبعة أبواب نصر هائلة غاية فى الإرتفاع، وسبعمائة وخمسون عمودا، منها ما قطره مساو لقطر عمود السوارى بالأسكندرية، وكان فى طيبة أيضا سنة ألف وثمانمائة سبعون تمثالا يفوق أصغرها صورة الإنسان الطبيعية، بل منها ما ارتفاعه ثمانية عشر مترا، ومحيط مدينة تدمر خمسة آلاف متر وسبعمائة واثنان وسبعون مترا، وهذا إنما هو قدر خراب الكرنك وحدها، ومحيط مدينة طيبة كان يقرب من خمسة عشر ألف