للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متر، وأما مقابر تدمر التى شاع ذكرها وكانت أبراجا مربعة الشكل على خمس طبقات مبنية من الرخام الأبيض، ومزينة بالنقوش وصور الآدميين، وكانت فى واد يوصل إلى المدينة، فأين هى من قبور بيبان الملوك المدفون بها ملوك أقدم المصريين، شتان ما بينهما فإن أكبر تربة من ترب تدمر لا يزيد طولها على خمسة عشر مترا والعرض بنسبة ذلك، وغاية ارتفاعها ثلاثة وعشرون مترا بخلاف المغارات المدفون بها ملوك مصر التى استكشف منها إحدى عشرة مغارة، فإن عمق أكبرها مائة وأحد عشر مترا، والبقية تقرب من ذلك، وداخلها يمتلئ قلبه مهابة واعتبارا، ويتخيل لها كبر أكثر من ذلك، فإن امتازت مقابر تدمر بالزخرفة ودقة النقوش، فاقتها قبور بيبان [الملوك] بالاتساع وكبر النقوش الشاغلة بجميع جدرانها الباقية على بهجتها كأنها نقشت بالأمس، وهذه التحف والزخارف فى هاتين المدينتين تدل على أن كلا منهما كان مركزا للتجارات الثمينة، والصنائع النفيسة، مدة مديدة، وأن مدينة طيبة استقلت بذلك زمنا أكثر من المدينة الأخرى، فلذا لما فارقتها التجارة واستقلت بها مدينة منف، كان ذلك سببا فى سعادة مدينة منف، وتقهقرت هذه المدينة، وبعد ذلك تقاسمت المتاجر مدن الشام، ثم رجعت إلى مصر فاستقلت بها الإسكندرية حتى فاقت سائر مدن الدنيا.

وأما مدينة بعلبك فهى مثل مدينة تدمر، وعمائرها كعمائرها، وكان بها معبدان عظيمان طول أصغرهما ثلاثة وثمانون مترا وعرضه اثنان وثلاثون مترا، فهو قريب الشبه بالمعبد الجنوبى للكرنك، وارتفاع عمده بالكرسى والتاج ستة عشر مترا، وبدن العمود مكون من ثلاث قطع، وطول المعبد الكبير ستة وتسعون مترا، وعرضه نصف ذلك، وطول سوره مائتان وتسعة وتسعون مترا، وعرضه مائة وستة وثلاثون مترا، فيدخل فيه أولا من بوابة شاهقة إلى حوش مثمن الشكل، ثم إلى حوش مستطيل مزين بدهاليز، وهو متخرب أكثر من المعبد الصغير، وجمع مبانيه إنما هى قدر سراى الأقصر، وهناك حجارة