وثمانمائة، وملخص بيان سير الحاج بعد ما تقدم فى الكلام على بركة الحاج أن الركب يبيت بعجرود، ويتقدّم أمر أمير الحاج بجماعته وخدمه بتفريق العليق والجرايات اليومية المعبر عنها بالوجبة سحرا على المشاعل، ويأمر بكتابة أكابر الركب وعدد جمالهم، ويجعل لكل من الأكابر محلا معينا، ويرحل من عجرود طلوع الشمس، ويجمع الركب من الطليعة إلى الساقة، ويضبط أطرافه ونواحيه بجماعة من العسكر، ويأذن للأكابر الذين عينهم بالتقدم على طرق معلومة بعد الدليل والفراشين والسقائين أولا فأول، ويضبط عدة جمالهم، ثم يليهم الزردخانة والطلب.
وحاصله أن يكون الأكابر الأعيان تجاه الركب بعد الأدلاء، وركب أمير الحاج الخاص به والتجار وأصحاب الحمول والأموال فى قلب الركب، والفلاحون ورعاع الناس آخره، ثم يسير حتى يمر بالشبحة وبعض الأعلام.
وفى سنة خمس وخمسين وتسعمائة كان مسير الحاج إلى القرب من المنصرف بعد المغرب بخمس درج، مائة وأربعين درجة لدخول الصنجق، وكانت هذه المرحلة شاقة لطول سيرها وثقل الجمال بالأحمال، فبات تلك الليلة بدار المعشة إلى قبيل الفجر بثلاثين درجة، وهذه هى العادة فى تلك الرحلة لراحة الجمال ولاستقبال السير المتعب فى الرمل الشاق، وعدم الأمن من سراق بنى عطية لاستيلائهم على الربع، فإنهم يختلطون بأهل الركب، وعليهم ثياب بيض وعمائم، ويختلسون الجمال ليلا خصوصا وقت الرحيل من تلك المنزلة، فيظن من يراهم أنهم أصحاب الجمال.