وقد اتفق فى سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة للقاضى درويش قاضى المحمل أنه أوقف جماله محملة بين الأقطار لانتظار قطار المحمل، فسحبت بجملتها من بين الجمال، ولم يظهر لها خبر، وألزم أمير العائذ بثمنها وما معها، وفى تلك المرحلة وما بعدها رمل كثير وفضاء وحدرات وأعلام وحجارة وحفر، وكان الرحيل قبل الفجر بثلاثين درجة، فسار ونزل من عقبة المنصرف، واستمر إلى أن قطع وادى القباب وغدى بالشّبحة آخر الرمل - بشين معجمة مشددة بعدها موحدة وحاء مهملة - مفتوحات.
وهذه الدار أول من نزلها فى الدولة المظفرية المرحوم جانم الحمزاوى فى سنة إحدى وثلاثين، وهى أول المحجر بعد الرمل، وتسمى «وادى القباب» لقباب مبنية به، وكله رمل صعود وهبوط وتلال.
وذكر أبو عبيد البكرى فى:«المسالك» أن وادى القباب يعرف قديما بقبر أبى حميد، ومبعوق برأس وادى القباب عند الجرنيات، وهذه الرحلة فى الغالب شاقة على الجمال خصوصا فى شدة القيظ، والإقامة بها للمغدة قليل جدا، وسار إلى ثغرة حامد، وحامد - اسم رجل من العرب كان قاطنا بها فسميت باسمه - فكان المسير إلى قبيل المغرب، وطريقها وعر بين جبال وصعود وهبوط ومضيق وشقيف جبل، وبالقرب من الثغرة بمسيرة بريدين مورد ماء للعرب يسمى: الطوال - بطاء مهملة مشددة فواو مخففة فألف فلام - والعادة أن الركب يبيت بهذه المنزلة أيضا، ويكون/أمير الحاج على يقظة من هاجم أو مختلس.
ففى سنة سبع وثلاثين فى ولاية المعز الجمالى يوسف الحمزاوى، تعرض بنو عطية لجمال السقائين بآخر الثغرة، فأخذوها بما عليها من القرب وكانت عددا وافرا، فلذا اعتاد أمراء الركب زيادة التأهب هناك للحراسة بالخيول والفرسان إلى أن يمر الركب، ثم بعد مسير خمس