للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وستين درجة غدّى برأس التيه، وهو فضاء مطلق، بيمناه الطور ويسراه العريش، وبالتيه بقرب جبل حسن على بريد ونصف من دار المعشى عين ماء تجرى تسمى صدر - بفتح الصاد المهملة والدال - والتيه محل المشقة فى زمن البرد لشدته به، وفى زمن الحر لقلة الماء به ووقوع العطش، فليتحفظ على الماء بالصيف، فإنه قاع فياح لا ماء به ولا نبات، وقال أبو عبيد البكرى فى: «المسالك» بعد ذكر أيلة: ثم تسير مرحلتين فى فحص التيه الذى تاه فيه بنو إسرائيل، حتى توافى ساحل البحر بموضع يقال له بحر فاران؛ وهو البحر الذى غرق فيه فرعون، ومن هناك إلى القلزم مرحلة، وفاران من مدن العماليق (وسيأتى الكلام عليها)، قال أبو عبيد: و «التيه أربعون فرسخا فى مثلها، وأول حدّه ما بين قبر أبى حميد وأرض نخر، وفيه مات موسى وهارون ». انتهى.

وكانت الإقامة بالدار أربعين درجة ليتكامل الركب، وسار قبل الظهر بخمس وعشرين درجة، فغدّى فى راحل ورحيل؛ وهو جبل يشبه عند رؤيته من بعد رحل الجمل، وعشى بالقرب من آخر التيه فكان المسير إلى قرب المغرب، وأقام بالدار إلى بعد العشاء، وهى المنهل الثانى يصلونها فى سادس يوم من البركة، وأرضها وطريقها محجر أبيض ورمل لطيف، ويسمى بطن نخر - بنون مفتوحة بعدها خاء معجمة مكسورة - ذكرها أبو عبيد البكرى فقال: «وبطن نخر منهل من مناهل الحاج، وهى قرية ليس بها نخيل ولا شجر، يسكنها نفر من الناس، ويقال لها أيضا: بطن نخل - باللام - لسواف تسفى على الناس فيه ترابا رقيقا، كأنما نخل بمنخل، وبها خان أنشأه السلطان قانصوه الغورى على يد الأمير الكبير خير بيك المعمار أحد المقدمين فى سنة خمس عشرة وتسعمائة، وبه حصار ونوباجية من الترك والقواصة.