بالدار إلى الفجر، وسار فقطع العراقيب، وهى عقبة صغيرة ومحجر وصعود وهبوط، ومر على الأرض البيضاء والجفارات.
وكان وصول الصنجق إلى السطح قبل العصر بخمس درج، ومدة سيره مائة وثمانون درجة، شيلة واحدة عنها رحلتان، والعادة أن يرحل من أبيار العلائى إلى العراقيب، فيبيت بها ويسير منها قبل طلوع الفجر، فيغدى بالجفارات بعد الشروق، ويرحل إلى السطح، وبقرب عراقيب البغلة على نصف بريد بئر تسمى: ثمد الحصى، وبقرب سطح العقبة بثلث بريد مورد ماء يسمى: القطّار - بشد الطاء المفتوحة - والجفارات: اسم لحفائر بالطريق، كجفارات الحاكة، وسطح العقبة قاع أفيح يوجد بأرضه ماء المطر فى بعض الأوقات ينزل الركب بآخره بقرب رأس النقب، والعادة أن يبادر أمير الركب إلى دخول السطح فى وقت يسع تجهيز جمال الشعارة والربائع قبل الركب، ومعه فرقة من العسكر ليمنع كثرة الازدحام، ويبيت غالب الركب وأمير الحاج بالسطح إلى طلوع الفجر.
وفى سنة خمس وخمسين وتسعمائة أقام هناك إلى قبيل الفجر بثمان درج، وسار بعد أن فرق المشاة من الرماة على رءوس الجبال يمينا وشمالا، ونزل أمير الحاج ودواداره يسهلان الطريق فى المضايق مع حفظ الساقة بالعسكر والقواسة، فكان غالب الركب بمناخ عقبة أيلة أذان الظهر، وذكر ابن العطار فى مؤلفه أن مقدار النزول من النقب إلى المناخ سبع ساعات، وكان هذا النقب على غاية من الضيق والوعر، فأصلحه الملوك السالفون، منهم الملك الناصر محمد بن قلاوون أصلحه مرتين، والسلطان الأشرف الغورى على يد الأمير الكبير خير بيك المعمار.