من أخبث السير وأرذله، كما لا يخفى على ذى لب يمر بين الجرفين على حدرات بشاطئ البحر المالح وجروف تراب، ثم يدخلون الوادى يسارا والشرفة كالزلاقة المبنية مسطحة يساوى منتهاها سطح عقبة أيلة ووادى عفان.
وبهذه الرحلة من المياه الوارد عليها العرب حفيرات، فبالقرب من بين الجرفين بمقدار نصف بريد حفيرة تسمى الحميضة - بحاء مهملة مضمومة وميم مفتوحة بعدها ياء ساكنة وضاد معجمة مفتوحة وهاء - ومن الشرفة بمقدار ثلثى بريد حفيرة تسمى البوارة - بباء موحدة بعدها واو مفتوحة وراء كذلك - وبرأس عفان عند قبر الشفاف بمقدار نصف بريد حفيرة جفار، تسمى وجيرا - بواو ومضمومة وجيم مفتوحة بعدها ياء تحتية ساكنة وراء مهملة مفتوحة.
وبهذه الشرفة تضرب الأمثال فى شدة المشاق للجمال، ويقال:
«لا حج إلا بعرفة، ولا جمال إلا بعد الشرفة» لكن مشقتها العظمى على الجمال فى الرجعة، وبردها زمن الشتاء شديد جدا، وفى أيام الاعتدال لا تخلو من البرد، وأتذكر فى أواخر السنين من ولاية المرحوم جانم بن قصروه، أنه وقع بالرجعة فى هذا المحل برد شديد فى غير زمنه، بحيث أنه أوقف حال السائرين لشدته، ولقد وقع لى وكنت راكبا بغلة فلم أملك نفسى على ظهرها من شدة البرد فوقعت إلى جانب شجرة، ولا زلت جالسا إلى أن طلعت الشمس، وصرت فى ضحوة النهار، وافتقدت ما تنبل فى ذلك اليوم من الجمال، فكان يزيد على ألف جمل (وقوله: «تنبل» أى مات، كما فى: القاموس).
/وأقام أمير الحاج فى تلك السنة بالدار ستين درجة، وسافر قبل الظهر بخمس عشرة درجة، فمر على قبر الشفاف وهو رجل من بنى عقبة، قاتل الحجيج ونهبهم، فقتل هو ومن معه، ورجم قبره، فهم