جماعة من أعيان الركب، منهم المقدم الكبير محمد بن العظمة، انتقل بالوفاة بالحريرة، وحمل فى محفة أمير الحاج إلى هناك فدفن بهذه العلوة، وعلى قبره لوح من الحجر منقوش فيه تاريخ وفاته، أحضره محمد بن العظمة ولده من مكة ليكون تاريخا لوفاته، ورسما لقبره.
وسلطان بن حويلى بن عامر من أمراء عرب البحيرة، وهو قريب عيسى بن إسماعيل وأخوه عامر، توفى سنة خمس وخمسين وتسعمائة، وتأخر أمير الحاج بهذه الدار لوفاته ليلة كاملة، وبها جماعة من المماليك الجراكسة السلطانية مدفونون بجوارهما، والحوراء من مناهل الحجاز.
وفى سنة تسع وأربعين وتسعمائة، فى ولاية المرحوم جانم بن قصروه، أحضر إليه البلاصية وحشا أبيض الباطن أسود الظاهر، له صماخ بلا أذن، أكبر من الكلب بيسير نتن الريح، يسمى الظربان بالظاء المعجمة - فضرب ظهره بالسيوف الحادة فلم تؤثر فى جلده، إلى أن ضرب على جلد بطنه الأبيض فأثر فيه فقتله. ودرك الحوراء - كما قدمنا ذكره - من جملة درك أمير الينبع إلى مناخ الينبع.
ولأبى عبد الله الفيومى:
يا منهل الحوراء أذكرتنى … بالنيل لو لم تنقضى فورا
بيتى على شاطئه محملى … والأنهر الجارية الحورا
ثم قال: حكى المقريزى فى كتابه: «السلوك» أن فى ليلة السبت خامس عشر ذى القعدة سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة ظهر للحاج وهم سائرون من جهة البحر المالح كوكب يرتفع ويعظم ثم ينفصل منه شرر كبار، ثم اجتمعوا فلما أصبحوا اشتد عليهم الحر فهلك من المشاة ثم من الركبان عالم كثير، وتلف من جمالهم وحميرهم عدد وافر عظيم، وهلك أيضا فى بعض أودية ينبع جميع ما كان فيه من