الإبل والغنم، كل ذلك من شدة الحر والعطش. وبالقرب من الحوراء حفيرة تسمى الركزة - بضم الراء المهملة المشددة بعدها كاف ساكنة - ماؤها طيب. وبالقرب من العقيق بنحو ثلث بريد ماء يسمى: لعبوب - بلام مفتوحة بعدها عين ساكنة وباءين موحدتين - الأولى منهما مضمومة بينهما واو - وبات الركب تلك الليلة بالحوراء كما تقدم، ورحل منها بعد طلوع الشمس بخمس عشرة درجة، وسار إلى أن قطع العقيق، وصحين المرمر، وبعضهم أسميه عبهل، وغدّى فى الدار المعتادة بصحين المرمر وعشى، فكانت مدة سيره مائة وثلاثين درجة إلى قبل المغرب بثلاث عشرة درجة لدخول الصنجق.
والعقيق من مضايق الحجاز المشتهرة، ومن أمثال العامة المهملة: إن عدت لك يا عقيق لفنى بالعتيق. ومما يعد من الصنيع الكبير والمانية على العامة مع بعضها: أنت حملتنى بالعقيق؛ إذا عدد له معروفا/أو ذكر له صنيعا. وبه شجر البلسان البرى، وأخذناه من رءوس جباله مرارا، يمر الركب به فى مضيق وجبال وعرة، وفيحاء ومضيق منحدر، وعقبة وحدرة، وواد يسمى وادى العقيق، وحمل من هذا المحل فى سنة نيف وأربعين وتسعمائة شجر البلسان، ومن مدرج الإمام عثمان ﵁، ومن حوالى فساقى مكة المشرفة إلى القاهرة المحروسة مغروسا فى الطين الموضوع فى شقادف من الخشب المتقنة المحكمة الصنعة بخولى يسقيه ويقوم عليه، إلى أن زرع بغيط البلسان بأرض المطرية، وذلك بإشارة الرئيس الكبير بدر الدين القوصونى لداود باشا، وكان عدة الشجر المنقول ستين شجرة، ولابن رحاب من قصيدة:
يا رعى الله جيرة الجرعا … وقباب عهدتها بقباء
وسقى وادى العقيق غمام … من ربوع تربو على الأنواء
كم قطعنا بها ليالى وصل … بدوام اللقا وطيب الهناء
ينبع الدمع بالعقيق وتهمى … من جفونى للمقلة الحوراء