على عمارة الآبار ستمائة دينار من الذهب ونيف، وكان حضر بذلك ليعرضه على على باشا، فوجده قد مات فى سادس صفر سنة ثمان وستين، فعاد بأوراقه إلى الينبع. وللوفد بهذه الآبار رفق كبير خصوصا إذا لم يكن بالوجه ماء، فإن الحاج لا يرد على ماء حلو طيب بعد مغارة شعيب ﵇ إلا منها بعد المويلح الآن، وفى زمن المطر يصير بالوادى الذى به الآبار المذكورة نجيل أخضر، ويباع بنبط الشواء المعمول فى التنور، والعجوة والبطيخ والفجل مجلوبا من الينبع، ومفازة نبط حد جهينة من بنى حسن، يصل إليها رابع عشر يوما من عقبة أيلة فى مضايق وحدرة، وشجر الأثل بها كثير، وأصحاب درك سقايتها بنو حسان، وطوائف عرب جهينة بتلك النواحى كثيرون، وللشهاب أحمد بن أبي حجلة:
مفازة نبط أخصب الله أرضها … ولا زال يهمى بالمياه بها الجو
يقال لها بحر الحجاز لأنها … بها الماء مثل البحر لكنه حلو
وله أيضا فى ذلك:
جئنا مفازة نبط والمياه بها … للواردين بها فى الحج ما شاءوا
فلم نرد بعد صافى مائها ثمدا … بالدرب حتى بدا فى ينبع الماء
وكانت الإقامة بنبط إلى قبل الظهر بخمسين درجة ثمانيا وسبعين درجة، وسار إلى أن مر على طراطير الراعى، وعدّى الدار المعتادة وهى آجل، وغدّى بها بخمس عشرة درجة، وعشّى بالقرب من وادى النار، فكان المسير إلى قبل المغرب/بثمان درج مائة وخمس درج، والطريق بين جبال، وبعضهم يسمى المنزلة بطرطور الراعى، وبعضهم بالأباطح - جمع أبطح - وللشهاب أحمد بن أبى حجلة: