وأما محلة أهل الركب، ففيها نخل وبيوت وعين ماء تجرى، والفسقية التى بها والقبة التى عليها يروى منها الحاج ويفضل عنهم، مستجدة الإنشاء بأمر السلطان قانصوه الغورى على يد العلائى علاء الدين بن الإمام ناظر الخواص الشريفة فى سنة خمس عشرة، ورتب لها فى تلك السنة مرتبا من ديوان السلطنة الشريفة، يصرف للإشراف بها عن الدرك وملء الفسقية، وجدّد بها السيد الشريف نجم الدين أبوغى بن بركات أمير الأقطار الحجازية مسجدا فى نيف وخمسين وستمائة.
وبالجملة فبدر من البقاع المشرفة بالآثار النبوية، ومنها التزوّد إلى المدينة المنورة المصطفوية، وكان بها نصرة النبى ﷺ على أهل الكفر والنفاق، وإمداده بالملائكة على خيول بلق مسومين سابلين العذبات بالاتفاق، وبها البقعة التى تضمنت الشهداء، الذين شهد لهم رسول الله ﷺ بالجنة، والمحل الذى آوى تلك الأجساد الشريفة، الذين دأبوا مع نبيهم لإقامة هذا الدين وإظهاره بنفوس زكية مطمئنة.
وفى:(الدر المنثور) للجلال السيوطى عند قوله تعالى: ﴿وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ (١) أخرج أحمد وابن حبان عن عياض الأشعرى قال: شهدت اليرموك وعلينا خمسة أمراء؛ أبو عبيدة ويزيد ابن أبى سفيان، وابن حسنة، وخالد بن الوليد، وعياض وليس عياض هذا، قال: وقال عمر: إذا كان قتال فعليكم أبو عبيدة، فكتبنا إليه أنه حاس إلينا الموت واستمددناه، فكتب إلينا أنه قد جاءنى كتابكم تستمدونى، فإنى أدلكم على من هو أعز نصرا وأحضر جندا الله ﷿، فاستنصروه فإن محمدا ﷺ قد نصر يوم بدر فى أقل من عدتكم، فإذا جاءكم كتابى هذا، فقاتلوهم ولا تراجعونى، فقاتلناهم فهزمناهم أربعة فراسخ.