ويستحب لأمير الركب أن يجتهد فى سيره ليدخل إلى رابغ سحرا أو مع الشمس؛ بأن يبادر الرحيل من بدر ليكون معه فسحة للدخول إلى رابغ فى وقت فيه فسحة، ليؤدوا المناسك فى سعة من الوقت، ويحصل لهم الإحرام على حالة الطمأنينة والكمال، ولا يرحل بهم منها إلا بعد صلاة الظهر، وفى سنة خمس وخمسين أقام بها إلى بعد الشمس بخمسين درجة من غير العادة، فإنه سار قبل الظهر بثلاثين درجة، ومر على الجرينات كملا وعشى، وكان سيره لدخول الصنجق قبل المغرب بعشر درج مائة درجة والعادة ثمانون درجة، والجرينات كيمان رمل متفرقة فى أرض مستوية، وتلك التلال والأجران على خط وضبط وتموج، يقول من رآها: إنها وضعت بمقدار لا تختلط بما حولها من الأرض الصماء، ولا يضرها مرور الرياح ولا يكدرها، وللصلاح الصفدى:
هذى بيادر رمل … تروى الأعاجيب عنها
الريح طول الليالى … تسفى وتكتال منها
والوضع لم يتغير … وشكلها لم يخنها
وأقام إلى بعد العشاء بثلاثين درجة، وسار إلى طارف قديد - اسم لجبل بالقرب من قديد كزبير - قرية جامعة بين مكة والمدينة، كثيرة المياه، قاله البكرى، وكان مسيره لبعد الشمس بخمس درج لدخول الصنجق مائة وخمسين درجة، والمحطة واسعة كثيرة المرعى والحشيش أيام المطر، وفيها محاطب فيغدّى ويتهيأ لعقبة السويق.