من عينها الصافية زلالا غدقا، ومن أغنامها وبطيخها ما طاب غذاء وحسن مرتفقا، وقد خلص فيها الوفد من مشقات عقبة السويق، ومقاساة شدة الهول والرمل الذى ينزل فيه الجمل إلى الركبة مع شدة التزاحم، وكثرة التلاحى والتلاحم، وعدم التعاطف والتراحم، وللصلاح:
يقول سائق ركبى … ولات حين مناص
لقد بلينا بدرب … بطول يوم القصاص
فقلت جئ بى خليصا … وابشر بحسن الخلاص
وللشهاب أحمد بن أبى حجلة:
حثثنا المطايا من خليص عشية … وطرفى إلى أفق السماء ترددا
ولما بدا فيه الهلال لناظرى … ذكرت جبين العامرية إذ بدا
وقد وجدت عين خليص، وأصلحت فى سنة أربعين وسبعمائة، وأصلحت البركة التى بها بعد خرابها وتلاشيها، وكان الإصلاح على يد أمين جدة، وعمل بجانبها قبة لطيفة فى غاية الأنس، تشرف على البركة، وأول من أنشأ هذه البركة لسقاية الحاج أرغون النائب، وسنذكر ترجمته باختصار، وأتذكر نزول الركب فيها فى سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة، فإذا البركة خراب متلاشية، والعين نازحة، وحصل للركب بواسطة ذلك غاية المشاق فى تلك الرحلة، ولما عرض أمر ذلك على السلطان سليمان عين ملوك الزمان من بنى عثمان، لا زالت صدقاته الشريفة بأيدى كرام بررة مرفوعة، ومبراته المنيفة للوافدين بهذا الدرب وآل الحرمين الشريفين غير مقطوعة ولا ممنوعة، برز أمره الشريف بعمارة العين وإصلاحها، وتجديد عمارة البركة على أكمل حالات صلاحها، وذلك فى ولاية سليمان باشا نائبه بمصر، وأقيم عليها نفر من عسكر جدة، يدعى بخير الدين الرومى شادا على