شهرة عظيمة فى سائر الديار المصرية، وذكر كثير من المؤلفين أن تلقين الأسرار الدينية كان فى هذه المدينة، كما كان فى عدة مدن مثل مدينة بوباسط، ومدينة الطينة، وفى زمن الرومانيين كان فيها رباط من العساكر الخيالة. والمسافر إليها للاطلاع على آثارها الباقية - بعد خروجه من مدينة جرجا متجها إلى الجنوب الغربى - يمر أولا فى أراض مزدرعة، تقطعها ترع وجسور مكسورة بالطوب، تمتد إلى أرض الصحراء فى اتجاهات مختلفة، لحفظ المياه فى زمن النيل حتى يروى الأراضى، فإذا وصل إلى الرمل الذى فى نهاية الجسر الأعظم يسير تقريبا ثلاثة أرباع ساعة على خط حدود الرمل، فيصل إلى قرية الخربة الموجودة فى نهاية خراب المدينة القديمة، فيرى فيها قطعا متنوعة من شقاف وصخور، ثم يمشى وسط الخراب بقدر ألف ومائتى متر، فيصل إلى قرية الخرابة، وهى منقسمة إلى كفرين.
ومن مرسى البلينا إلى أبيدوس، طريق يصعد فيه نحو تسعة آلاف متر، فإذا وصل إليها القاصد رأى الآثار القديمة التى صار كشفها فى عصر الخديو إسماعيل باشا من الرمال، وهى ثلاثة معابد ومدفن واحد، وكان نزح الأتربة منها بمعرفة مارييت بك وملاحظته، حتى انكشف جميعها فوجدت أبنيتها فى غاية من الإتقان، وعليها كتابات مفيدة، وبعض أودها معقود بحجارة كبيرة، طول الواحد منها خمسة أمتار، ملحوم بعضها فى بعض، وتتكئ من أطرافها على أكتاف من الحجر المنحوت.
والعارفون باللغة المصرية القديمة، نسبوا أحد المعابد إلى سيتى الأول، والذى بناه هو سيتى المذكور ورمسيس الثانى، وهو من أجمل المبانى كجميع ما نسب إلى سيتى الأول، ولم يمكن الوقوف إلى الآن على الغرض الذى جعل له هذا المعبد على هذا الوضع، فإنه مشتمل