يجتمع بباب أحد من ملوك عصره من أعيان الشعراء وأفاضل الأدباء ما كان يجتمع ببابه، وتشتمل عليه حاشيتا جنابه، وكان شاعرا أديبا، فمن شعره:
أكثرت هجرك غير أنك ربما … عطفتك أحيانا علىّ أمور
فكأنما زمن التهاجر بيننا … ليل وساعات الوصال بدور
وكان المعتمد بن عباد أكبر ملوك الطوائف وأكثرهم بلادا، وكان يؤدى الضريبة للأذفونش، فلما ملك الأذفونش طليطلة لم يقبل ضريبة المعتمد طمعا فى أخذ بلاده، وأرسل إليه يهدده ويقول له:
تنزل عن الحصون التى بيدك ويكون لك السهل، فضرب المعتمد الرسول وقتل من كان معه، فبلغ الخبر الأذفونش فأحضر آلات الحصار، فاجتمع مشايخ الإسلام وفقهاؤهم، وجاءوا إلى القاضى عبد الله بن محمد بن أدهم وفاوضوه فيما نزل بالمسلمين.
وآخر ما اجتمع عليه رأيهم أن يكتبوا/إلى أبى يعقوب بن يوسف بن تاشفين ملك الملثمين صاحب مراكش يستنجدونه، وأخبر القاضى المعتمد فوافقه على ذلك وألزمه بأن يمضى إليه بنفسه، فخرج من عنده وكتب إلى يوسف بن تاشفين بصورة الحال وسيره إليه مع بعض عبيده، فلما وصله خرج مسرعا إلى مدينة سبتة فى بر مراكش مقابلة الجزيرة الخضراء، وهى مدينة فى بر الأندلس، وأقام بسبتة، وأرسل إلى مراكش يستدعى من تخلف بها من جيشه، فلما تكاملوا عنده أمرهم بالعبور، وعبر آخرهم وهو فى عشرة آلاف مقاتل، واجتمع بالمعتمد وقد جمع أيضا عساكره، وتسامع المسلمون بذلك، فخرجوا من كل البلاد طلبا للجهاد.