كان فى خدمة أبيها وهو فى سلطانه، فرآهن فى أطمار رثة وحالة سيئة، فصدعن قلبه، وأنشد:
فيما مضى كنت فى الأعياد مسرورا … فساءك العيد فى أغمات مأسورا
ترى بناتك فى الأطمار جائعة … يغزلن للناس لا يملكن قطميرا
برزن نحوك للتسليم خاشعة … أبصارهن حسيرات مكاسيرا
يطأن فى الطين والأقدام حافية … كأنها لم تطأ مسكا وكافورا
ودخل عليه - وهو فى هذه الحالة - ولده أبو هاشم، والقيود قد عضت بساقيه عض الأسود، والتوت عليه التواء الأساود السود، فلما رآه بكى، وقال أبياتا منها:
قيدى أما تعلمنى مسلما … أبيت أن تشفق أو ترحما
دمى شراب لك واللحم قد … أكلته لا تهشم الأعظما
يبصرنى فيك أبو هاشم … فينثنى والقلب قد هشما
ارحم طفيلا طائشا لبه … لم يخش أن يأتيك مسترحما
/وارحم أخيات له مثله … جرعتهن السم والعلقما
منهن من يفهم شيئا فقد … خفنا عليه للبكاء العمى
والغير لا يفهم شيئا فما … يفتح إلا لرضاع فما
وقد أطال ابن خلكان فى ترجمته وما قاله وما قيل فيه، ثم قال:
وأشعار المعتمد وأشعار الناس فيه كثيرة، وقد جاوزنا الحد فى تطويل ترجمته، وسببه أن قصته غريبة لم يعهد مثلها، ودخل فيها حديث أبيه وجده فطالت، وكانت ولادته فى شهر ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة بمدينة باجة من بلاد الأندلس، وملك بعد وفاة أبيه وخلع فى