التاريخ المتقدم ذكره، وتوفى فى السجن بأغمات لإحدى عشرة ليلة من شوال، وقيل فى ذى الحجة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، ومن النادر الغريب أنه نودى فى جنازته بالصلاة على الغريب، بعد عظم سلطانه وجلالة شانه، فتبارك من له البقاء والعزة. واجتمع عند قبره جماعة من الشعراء الذين كانوا يقصدونه بالمدائح، ويجزل لهم المنائح، رثوه بقصائد مطولات، وأنشدوها عند قبره، منهم أبو بحر عبد الصمد شاعره المختص به، فمن قصيدته:
ملك الملوك أسامع فأنادى … أم قد عدتك عن السماع عوادى
لما نقلت عن القصور ولم تكن … فيها كما قد كنت فى الأعياد
أقبلت فى هذا الثرى لك خاضعا … وجعلت قبرك موضع الإنشاد
فلما فرغ من إنشادها قبل الثرى ومرغ جسمه وعفر خده، فأبكى عليه كل من حضر، ورأى أبو بكر الدانى حفيد المعتمد وهو غلام وسيم، قد اتخذ الصياغة صناعة، وكان يلقب فى أيام دولتهم فخر الدولة، وهو من الألقاب السلطانية عندهم، فنظر إليه وهو ينفخ الفحم بقصبة الصائغ، فقال من جملة قصيدة:
صرفت فى آلة الصواغ أنملة … لم تدر إلا الندى والسيف والقلما
يد عهدتك للتقبيل تبسطها … فتستقل الثريا أن تكون فما
يا صائغا كانت العليا تصاغ له … حليا وكان عليه الحلى منتظما
للنفخ فى الصور هول ما حكاه سوى … أنى رأيتك فيه تنفخ الفحما
وأغمات - بفتح الهمزة وسكون الغين المعجمة وفتح الميم وبعد الألف تاء مثناة من فوق - بليدة وراء مراكش بينهما مسافة يوم، قال: