وأما أبو بكر بن اللبانة، فما رأيت تاريخ وفاته فى شئ من الكتب ولا من يعلم ذلك، لكن رأيت فى كتاب:«الحماسة» التى صنفها أبو الحجاج يوسف البياسى أن ابن اللبانة قدم ميورقة فى آخر شعبان سنة تسع وثمانين وأربعمائة، انتهى باختصار كثير.
ثم إن عند مدينة العريش صحراء متسعة، يوجد بها الطيور والحيوانات البرية كبقر الوحش وحمره، فلذا فى كتاب كترمير أن السلطان بيبرس فى توجهه من مصر إلى الشام سنة ستمائة وإحدى وستين، كان يتعاطى الصيد فى طريقه مع أمرائه، وكل يحب الصيد، فلما وصل إلى العريش، جعل من جنوده حلقة فيها ثلاثة آلاف رجل، أحاطوا بجزء كبير من الأرض، ليصطادوا ما بداخل الحلقة من الغزلان ونحوها، ثم أخذوا يضيقون الحلقة شيئا فشيئا، مع المحافظة على ما بداخلها من الحيوانات حتى قبضوا على ما بها من الوحوش، انتهى.
والحلقة هى الدائرة من كل شئ، كحلقة الخاتم وحلقة العلم وحلقة العسكر المحيطة بالملك أو بالأمير، وعند المغول هى اسم للدائرة المتكونة من الصيادين، لينحصر فيها طائفة من أنواع الصيد، قال فخر الدين الرازى: كانت حلقة جنكيز خان دائرها مسافة ثلاثة أشهر، ثم تتضايق شيئا فشيئا، فيجتمع فيها من الحيوانات ما لا يحد كثرة، وقال فى:«مسالك الأبصار» كانت مناشير جند الحلقة من السلطان كمناشير الأمراء، وكان لكل أربعين منهم مقدم ليس له عليهم حكم ولا تكلم إلا فى ترتيبهم فى مواقفهم، فكان أمر مواقفهم فى الحلقة إليه، وكانت لهم إقطاعات، منها ما يبلغ ألفا وخمسمائة دينار ونحوها، وهى إقطاعات أعيان الحلقة، وإقطاعات العسكر كانت لا تنقص عن مائتين وخمسين دينارا، وقال خليل الظاهرى: أما أجناد الحلقة فكانت عدتهم قديما أربعة وعشرين ألف جندى، كل ألف لها