بهذه الأرض دهرا طويلا، حتى عتوا وبغوا وتجبروا وطغوا، وقالوا نحن الأكثرون الأشدون قوة الأغلبون، فسلط الله عليهم الريح فأهلكتهم، ونسفت مصانعهم وديارهم حتى سحلتها رملا، فما تراه من هذه الرمال بأرض الجفار بين العباسة حيث المنزلة التى تعرف اليوم بالصالحية، إلى العريش من رمل مصانع العادية وسحالة صخورهم لما أهلكهم الله بالريح ودمرهم تدميرا وإياك وإنكار ذلك لغرابته، ففى القرآن الكريم ما يشهد لصحته، قال تعالى: ﴿وَ فِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (٤١) ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ﴾ (١) أى كالشيء الهالك البالى، وقيل الرميم: نبات الأرض إذا يبس ودبس، وقيل: الورق الجاف المنحطم مثل الهشيم، والرميم: الخلق البالى من كل شئ.
انتهى.
ثم جئنا إلى بئر الدويدار - بضم الدال المهملة وفتح الواو وياء مثناة تحتية ساكنة وفتح الدال المهملة بعدها ألف وراء - وهو بئر كبير والآن غلب عليه الرمل فردمه، لكن حوله حفر صغار فيها ماء يغلب عليه الملوحة، قال السيد محمد كبريت فى رحلته:
ثم إلى بئر الدويدار الردى … جئنا وما أقبحه من مورد
ونزلنا هناك حصة من الزمان نحن ومن معنا، وأكلنا ما تيسر من الزاد، ثم ركبنا وسرنا على بركة الله، ولم نزل فى ذلك الرمل الكثير سائرين إلى أن مررنا على المكان المسمى باللواوين، وهى لوواين كثيرة مثل الصفة الكبيرة، وكل واحد منا بجانبه بركة من الملح، فقطعنا اللواوين ثم بتنا هناك فى البرية، ثم ركبنا فى نصف الليل، فأشرفنا فى الصباح على قرية الصالحية، ولم نزل سائرين إلى أن نزلنا بها فى مزار الولى الصالح الشيخ حسن الليفى الصامت