والقرابين من خلفهم أيضا، وعلم العساكر الواقفون بالأعلى المراد، فضربوا أيضا، فلما رأى المصريون ما حل بهم، ارتبكوا فى أنفسهم، وسقط فى أيديهم، وتحيروا فى أمرهم، ووفع منهم أشخاص بكثرة، فنزلوا عن الخيول، واقتحم شاهين بيك وسليمان بيك البواب وآخرون، وعدة من مماليكهم راجعين إلى فوق والرصاص نازل عليهم من كل ناحية، ونزعوا ما كان عليهم من الفراوى والثياب الثقيلة، ولم يزالوا سائرين شاهرين سيوفهم، حتى وصلوا إلى الرحبة الوسطى المواجهة لقاعدة الأعمدة، وقد سقط أكثرهم، وأصيب شاهين بيك وسقط إلى الأرض، فقطعوا رأسه وأسرعوا بها إلى الباشا ليأخذوا عليها البقاشيش.
وكان الباشا عندما ساروا بالموكب قد ركب من ديوان السراى إلى بيت الحريم، وهو بيت إسماعيل أفندى الضربخانة، وأما سليمان بيك البواب، فهرب من حلاوة الروح وصعد إلى حائط البرج الكبير فتابعوه بالضرب، حتى سقط وقطعوا رأسه أيضا، وهرب كثير إلى بيت طوسون باشا فقتلوهم، وأسرف العسكر فى قتل المصريين، وسلب ما عليهم من الثياب، وقتلوا معهم من وافقهم من طوائف الناس وأهالى البلد وكل من تزيا بزيهم، وقبضوا على من أدرك حيا، وقتلوهم فى حوش الديوان، واستمر القتل من ضحوة النهار إلى أن مضى حصة من الليل على المشاعل، هذا ما حصل بالقلعة.
وأما أسفل المدينة فإنه عندما أغلق باب القلعة، وسمع من الرميلة صوت الرصاص، وقعت الكبسة فى الناس، واتصلت بأسواق المدينة، وأغلق الناس الحوانيت، وانتشرت العساكر إلى بيوت الأمراء المصريين ومن جاورهم كالجراد، ونهبوها نهبا بليغا حتى حلى النساء.