ونقل المقريزى أنه فى سنة سبع وعشرين وسبعمائة هجرية وقعت مشاجرة بين المسلمين والنصارى، فبحث حاكم الإسكندرية عمن تسبب فى ذلك من المسلمين وعاقبه، وفى شعبان من هذه السنة حضرت رسل من طرف البابا من مدينة رومة ومعهم هدايا وخطاب يطلب فيه على جهة الرجاء حماية النصارى من طرف الحكومة ورعاية حقوقهم، وفيه يذكر أنه يكون للمسلمين المقيمين عندهم والداخلين من الإكرام والرعاية مثل ما لهم فى بلاد المسلمين، فكان الأمر كذلك، وقال أيضا: إنه من عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب إلى هذا الوقت لم ترد رسل من البابا.
وذكر ابن الفرات فى:(تاريخ حرب الصليب) أن فى سنة سبع وستين وستمائة هجرية فى سلطنة الملك بيبرس، كان بمصر رسول من طرف البابا، ثم لما حصلت المساعدة من البندقانيين لملك قبرس، وأغارت عساكرهم على الإسكندرية فى ثلاثة وعشرين من المحرم سنة سبع وستين وتسعمائة، كما ذكر ذلك المقريزى وأبو المحاسن - اضمحل حال تجارة البندقانيين والفرنج.
وقال المقريزى أيضا: إن من جملة المراكب التى حاصرت على الثغر تحت إمرة بطرس بن ديوك بن حوج ملك قبرس خمسا وعشرين مركبا كانت للبندقانيين، ومركبين للجنويين، وعشرة مراكب لجزيرة رودس وخمسة للفرنساوية، والباقى لأهالى قبرس، قال: ولما ارتحلوا عن المدينة وركبوا البحر، أوقع السلطان القبض على كل من بقى من النصارى بمصر والشام، وأحضر البطرك، وألزموا بإحضار جميع ما تحت أيديهم من النقود والأموال، ليفدى به السلطان أسرى المسلمين، وأمر السلطان بالهجوم على جميع منازلهم، وأمر المسلمون بدفع ما عليهم للنصارى، ولما عرف النصارى ما حل بهم من سوء عاقبة ما فعلوه حتى تعطلت متاجرهم اجتهدوا فى إصلاح ذات البين، ورجعوا عن قبيح أفعالهم.