هيرودوط: وقد شاهدتها فوجدتها فوق الوصف تشييدا واتساعا، ولا يماثلها شئ من مبانى اليونان، بل هى أعظم من الأهرام التى لا يساويها شئ من العمائر، ولا معابد مدينتى أفيزوساموس، مع أنهما من أعظم المبانى، وهى مدينة واحدة خلافا لمن زعم تعددها، لكنها مشتملة على اثنى عشر حوشا محوطة بأسوار، أبوابها يخالف بعضها بعضا، ستة فى جهة الشمال متجاورة، ومثلها فى جهة الجنوب، ويحيط بالكل سور واحد، وعدد أودها العليا ألف أودة وخمسمائة، والسفلى كذلك، وقد دخلت العليا، ومنعتنى الخدم عن دخول السفلى، وقالوا: إنها مدفن التماسيح المقدسة، والملوك البانين لها. وما شاهدته لا يشبهه شئ من بناء الآدميين، فيندهش الإنسان من اختلاف المسالك الموصلة إلى الحيشان والمساكن مع اعوجاجها والموصلة من المساكن إلى الإود وإلى الدهاليز، وسقف جميع ذلك من الحجر المزين بالنقوش والكتابة، وحول كل حوش دهليز على أعمدة من الحجر، وفى خارجها أهرام فى أركانها، ارتفاع كل واحد خمسون أرجى (خمسة أقدام ونصف فرنساوية) وصور الحيوانات منقوشة فى سطوحها، ويتوصل إليها من سرداب تحت الأرض، قال: وموضعها فوق بحيرة ماريس، على بعد من شاطئها بقرب مدينة التماسيح (مدينة الفيوم).
وقال استرابون: إنها فى محل انعطاف الفرع الخارج من النيل، المنصب فى بحيرة مريس، وهذا يوافق ما قاله ديودور من أن الملوك الذين بنوها اختاروا من الليبيا موضعا بقرب محل انصباب الخليج فى البحيرة، وبنوا به تربة بأحجار كبيرة، وكلاهما لا يخالف قول هيرودوط: إنها فى أعلى البحيرة. وجعلها بعضهم قبلى مدينة الفيوم، على بعد مائة استادة، وبعضهم قال إنها محل قصر قارون، وهذا لا