وفى سنة إحدى وسبعين ألغيت المدرسة البحرية، وألحقت بضابطان وابور فيضجهاد ركوبة الخديوى، وأحيل علىّ تصحيح ساعات القورنومتر مع حساب سفرية الوابور، وحينئذ أحرزت رتبة اليوزباشى، وفى سنة إحدى وثمانين أحرزت رتبة صاغقول أغاسى، وجعلت سوارى وابور سمنود، وترقيت فى ظل الساحة الخديوية إلى رتبة البيكباشى، وفى تلك السنة سافرت بهذا الوابور إلى بلاد المغرب لتوصيل جملة من حجاج المغاربة على طرف المراحم الخديوية، وقد كان بهم داء الحادث، فامتنع الأجانب من إنزالهم فى مراكبهم، وكانوا ألفا وثمانمائة وخمسا وأربعين نفسا، صرف لهم ولنا ثلاثون ألف أقة بقسماط إحسانا من الحضرة الخديوية، وكانوا من قبائل شتى غلاظ الطباع، وكنا نعاملهم باللين ولا ينجع فيهم، ومما اتفق أن أحدهم أمسك رقبتى وجذبها بقوة يريد تقبيل رأسى، فتألمت من ذلك ألما شديدا، وأمرت بإمساكه وضربه بالتيلة، فهاج المغاربة، وقالوا إن هذا مصافحة بلادنا، فعند ذلك ألزمتهم أن لا يعودوا لمثلها، ومن أراد السلام فليسلم من بعيد.
وفى ثانى يوم جاء آخر يشكو إلىّ، فدفعنى بيده فى صدرى، وقال إن أحد المغاربة فعل معى هكذا وأخذ متاعى، فضربته أيضا وحذرته، وكانوا عند تفريق البقسماط عليهم يؤذون العساكر ويتخطفونه، ويسلبون حق المريض والعاجز، فانتخبنا نحو ثلاثين قائدا من ضمنهم أولاد وزير حكومة فاس، فجعلناهم فى محل مخصوص، وألزمناهم النظر فى قضايا المغاربة ودعاويهم فأبوا، فانتخبنا خمسة من علمائهم، جعلنا منهم أربعة قضاة وواحدا مفتيا، وجعلنا على الدعوى فرنكا يأخذه القضاة لأنفسهم ممن عليه الحق، فالتفت القضاة لدعاويهم، وطمعوا فى جمع المال، فكانوا يأخذون من كل من المدعى