من حاكم البلد، يذكر فيه أنه إذا مات من المغاربة أحد وألقى فى البحر يصير تجريمنا عن كل ميت ستين ليرة، مع أن الموت إذ ذاك كان واقعا فيهم.
وجاءت زوارق الحكومة تفتش على الموتى فى قاع البحر حوالى سفينتنا، فكنا نربط الموتى فى الحبال ونعلقهم فى البحر، بحيث لا يصلون الأرض، وكلما اجتمع مقدار من الأموات، نطلب الإذن بتبديل الهواء فى وسط البحر، ونذهب بعيدا عن البر ونقذف الموتى فى البحر، ولم يزل هذا حالنا حتى أتانا الأمر بإيصالهم إلى جزيرة مقدور فى البحر المحيط الغربى التى عرضها ٣١،٣٠ ساعة شمالا، وطولها مغربا نصف نهار غرنويج ٩،٤٦ ساعة فسافرنا بهم، وأخرجناهم بتلك الجزيرة، وهى بساحل أفريقية فى البحر الأتلانتيكى، وأجريت عليهم الكرنتينة أحدا وعشرين يوما، وكانت إقامة المغاربة بالسفينة أربعة أشهر.
ولما أردنا التوجه إلى السويس من طريق أطراق أفريقيا بالمحيط الغربى، طلب مهندس الوابور تعمير المكينة، وكان ذلك ضروريا، فرجعنا إلى جبل طارق لأخذ البراتكة، فامتنعوا من ذلك حتى نعطيهم كشف مقدار من مات من المغاربة، وقد علمنا أنا إذا أخبرناهم بالصحيح لا يعطونا براتكة، فأخبرناهم أنه مات منهم دون المائة، فلم يصدقوا، وامتنعوا من إعطائنا براتكة، فتوجهنا إلى الإنكلترة للتعمير بها فعمرنا السفينة والمكينة بلوندره، وأخذنا منها الفحم اللازم، وسافرنا إلى جزيرة مديربا، التى عرضها ٣٢،٤٣ ساعة شمالا، وطولها ١٦،٣٩،٣٠ ساعة مغربا، وكان ذلك فى فصل الشتاء وشدة البرد، فأقمنا بتلك الجزيرة ستة أيام، وفيها كثير من أنواع الفواكه كالتفاح والكمثرى والخوخ ونحو ذلك.