ثم قمنا إلى جزيرة سنتلينا التابعة لحكومة الإنجليز، عرضها ١٥،٥٥ ساعة جنوبا، وطولها ٥،٤٤ ساعة مشرقا، وعند مرورنا بخط الاستواء وجدنا من الحر الشديد ما لا مزيد عليه، ولما حللنا بالجزيرة تلقانا حاكمها بالإكرام، وأحضر لنا عربة ركبنا فيها للاطلاع على سجن بونابرت، وأطلعنا على الأوانى والآلات التى كان يأكل فيها، وفى ثانى يوم حضرت لنا مائدة من طرفه، فأكلنا معه، وأهدينا له علبة تمر جلبى، وجانبا من العود القاقلى، وجانبا من الجاوى، ففرح بذلك، وطلب منا أن نرسل له تقاوى النخل إذا وصلنا إلى بلادنا ليغرس ذلك فى بلاده، وأهدى لنا مقدار وافرا من الخوخ والعنب والتفاح والكمثرى والموز.
وأقمنا هناك سبعة أيام ثم سافرنا، فجزنا رأس عشم الخير، وعرضها ٣٤،٢٢ ساعة جنوبا، وطولها ١٨،٢٤ ساعة مشرقا، وكان بهذا المحل برد شديد لأن الشمس كانت فى شمال خط الاستواء، وهذا المحل فى جنوبه، ثم وصلنا إلى جزيرة ماشزمن حكومة الإنجليز، عرضها ٢٠،٩ ساعة جنوبا، وطولها ٥٧،٣٢ ساعة مشرقا، وفى هذه الجزيرة كثير من فواكه الهند، وبها قصب السكر كثير، وله فيها فوريقات لعصره، وعمل السكر منه، وبها الموز ليس له قيمة لكثرته، ورأينا شجرا كبيرا طلعه مثل القاوون الذى يأتى من مالطة، فى القدر والطعم واللون، إلا أن حبه صغير أسود مثل حبة البركة، ورأينا شجرا طلعه ظروف طوال بداخلها لبن جيد الطعم، وهناك بطيخ لذيذ الطعم يعمل من قشره بعد تجفيفه كشكول يعطى للشحاذين، وبها أشجار شبه النخل، يخرج منها عسل قريب الطعم من عسل النحل، وجوز الهند - وهو على شجره - أكبر من البطيخ، ومدة إقامتنا بها سبعة أيام.