ويعول عليه، ثم إن أولاد الأمير احتفلوا به، وذكروه فى مجالسهم بسوق أمير الجيوش، وعظموا شأنه، فكانوا أول من عززه ونصره، وأشهر ذكره وخبره.
وكان بجوار المدرسة أيضا أخوان مجيدان، أحدهما: لقب بسعد الدين، وهو من أقباط مصر، وينسب إلى خدمة الأمير أرزيك الناشف، أحد أمراء الجراكسة، والثانى: هو القاضى عبد القادر، أكثر مالا ورزقا وطينا، وكان مع خدمة أرزيك مصاهرا للقاضى شرف الدين ابن الخرزى القبطى، وعرف بالصغير، وهو رأس ديوان السلطان بالقلعة المحروسة، وعمدة إقليم مصر وسائر جهاتها فى الدولتين، فكان يقصد نفعه بإرساله مساحا للطين السلطانى بالأقاليم، فجمع من ذلك رزقا عديدة اختلسها لنفسه، وكتب بها مستندات شرعية، ومحا عنها الرسم الأول، فلما كان الفتح الثانى السليمانى، وتغيرت الأحوال وانقضت تلك الدولة، خشى عند الفحص والتفتيش أن ينزع ذلك الطين - الذى جمعه - من يده، والحالة هذه، فكان من عناية الله تعالى بالشيخ عبد الوهاب أن عبد القادر الأرزيكى دبر تدبرا قصد حماية ذلك الطين به، فأعانه الله عليه ويسر له، وهو أنه اشترى قطعة أرض مكملة الجدار على الخليج الحاكمى، تجاه الدرب الكافورى، وعمرها مدرسة على الصفة التى هى بها، وجعل بها مدفنا لم يرد الله تعالى أن يدفن فيه، ونقل إليها الشيخ عبد الوهاب الشعرانى، ووقف عليه تلك الحصص الطين المتفرقة، التى كان يخشى من تبعاتها عند انتباه السلطنة والدولة للفحص عنها، فكان هذا الوقف على جهات بر للشيخ عبد الوهاب الشعرانى وذريته، ولجميع القاطنين عنده بالمدرسة رجالا ونساء وصغارا، وكان ذلك قدرا حافلا.