ولما تم ذلك، وكتب مكاتيب الوقف بمضمون ما شرطه، وأشهد به على نفسه، هرع الناس من كل أوب من الأقاليم، وانقطعوا عند الشيخ بالزاوية، وقطنوا بها، وانتظم حينئذ مجلس الذكر، وشاع ذكر الشيخ والمدرسة والوقف بالأقاليم، فاجتمع عنده الجم الغفير، وكثر بها القاصدون والواردون، وأقبلوا إليها من كل حدب ينسلون، من الفقراء والزمنى والعميان والشبان والأطفال والنساء، واشتهر الشيخ اشتهارا تاما، ولحظته العيون بالوقار، وأقبلت نحوه القلوب، وعطفت عليه الخواطر، ولو لم يكن سوى اجتماع هذه الأعداد الوافرة على مجلس الذكر، وعلى الطعام فى الصباح والمساء، لكان ذلك كافيا، وكان دأبه تصنيف الكتب العديدة، فى علمى الشريعة والحقيقة. واختصر بعض مؤلفات ابن عربى كالفتوحات الملكية وغيرها، وألم بالشيخ علىّ الخواص الأمىّ البرلسى، القاطن بخط سويقة اللبن فى زمنه، واشتهر بصحبته مع الشيخ أفضل الدين.
وجمع مؤلفا كبيرا شرح فيه معانى ما التقطه من كلام الشيخ على الخواص وألفاظه، وسماه كتاب:(الجواهر والدرر) وفيه مسائل مستغربة، وكتب على المؤلف المذكور أعيان علماء ذلك العصر كالشيخ أحمد النجار الحنبلى الفتوحى، والشيخ شهاب الدين بن الشبلى الحنفى، والشيخ ناصر الدين الطبلاوى الشافعى، والشيخ ناصر الدين اللقانى المالكى وغيرهم، وأثنوا على المؤلف والمؤلف.
وله من المؤلفات كتاب:(المنهج المبين فى أدلة جميع المجتهدين) وكتاب: (كشف الغمة عن جميع الأمة) و (لواقح الأنوار القدسية فى اختصار الفتوحات المكية) لابن عربى، و (طهارة الجسم والفؤاد من سوء الظن بالله تعالى والعباد)، وكتاب:(البحر المورود فى المواثيق والعهود التصوفية) وكتاب: (الميزان الخضرية المدخلة