حيث لم يبق علىّ من التعليم إلا ثلاثة أشهر، وأتعين بوظيفة الحكيم برتبة الملازم الثانى، فتماديت على ذلك نحو ثلاثة أيام، وبينما أنا بهذه المثابة إذ صدر منه أمر بتعيين تلامذة إرسالية من باقى تلامذة مدرسة الطب إلى ألمانيا، وصدور الأمر كان للطبيب الماهر برنير بك، فحين حضر للانتخاب بتلك المدرسة ولم يجد من يليق بتلك المأمورية، وكان مطبوعا فى صحيفة مخيلته اسمى وصورتى، لكثرة ما شاهدنى فى الامتحانات العمومية، فسأل عنى ناظر تلك المدرسة ورئيسها، وكان إذ ذاك معلمى المرحوم محمد بيك الشافعى، فأطنب فى مدحى هو ومن كان حاضرا فى مجلس الانتخاب، وهو المرحوم إبراهيم بيك رأفت وكيل ديوان المدارس، فما كان من ذاك الطبيب المأمور بالانتخاب إلا أن صمم على الحصول على أمر مخصوص بخروجى من المفروزة، وتوجهى إلى ألمانيا، وإن بلغت صعوبة خروجى من الأورطة المفروزة ما بلغت، لأن المرحوم عباس باشا لم يسمح بإخراج أحد منها، فأسعفتنى الألطاف الإلهية بصدور أمر بحضورى إلى مصر، ومعى بعض تلامذة من المدارس المختلفة، ومن مدرسة الطب أيضا للانتخاب منهم، وقد كان، فحضرنا إلى ديوان المدارس بالأزبكية، وناظره إذ ذاك المرحوم كامل باشا، وحضر برنير بيك فكنت أول من صمم على إرساله بدون امتحان، وامتحن غيرى فكان الجميع تسعة أشخاص.
فتوجهنا فى السنة المذكورة إلى بلاد ألمانيا مجتازين من طريق الإسكندرية إلى تريسته بحرا، ومنها إلى ليباخ برا بعربات البوسطة حيث لم يكن إذا ذاك سكة حديد، ومنها إلى منيخ قاعدة بلاد البؤاريا على سكة الحديد، فما كان أعجب لمنظرنا من تلك السياحة، حيث لم