يستنشق هواءها ولو كان صحيحا فإنه يمرض وربما يموت، والرجاء من مولانا الملك أن يرسل لنا مطرانا ينظر فى أحوال الرعية، وهذا ما قصدت إملاءه.
فكتب إليه الملك الظاهر: وصلنى جواب الملك المعظم الخطى، ملك أمحرة أعظم ملوك الحبشة، المتولى على جميع أقطارها، نجاشى هذا العصر، سيف الديانة المسيحية وقوام الملة النصرانية، حبيب الملوك والسلاطين، سلطان أمحرة حفظه الله، قرأت كتابك وفهمت معناه، فأما ما يختص بالمطران فلم يصلنا رسول الملك، وإنما أخبرنا الملك المظفر فى خطابه أنه وصل إليه منكم خطاب مع رسول، وأن الرسول أقام باليمن إلى أن يصله جوابنا ردا لخطابه، وأما من خصوص كثرة العسكر عندكم التى من ضمنها مائة ألف من المسلمين، فإنا نعلم جميع ما هو فى كل قطر من دون أن يخفى علينا منه شئ، ونسأل الله تعالى زيادة عساكر المسلمين فى جميع الأرض، وأما من خصوص رداءة هواء أرض الحبشة، فنقول: إن العمر محدود، ولكل أجل كتاب، فلا يموت أحد إلا عند انقضاء أجله، ألا ترى أن الجرحى فى الحرب قد يحصل لهم الشفاء، ويموت من لم يجرح، فالخلق تحت قضاء الله والبيكار المار الذكر - بباء فارسية فى أوله - من أسماء الحرب، نقل ذلك كترمير عن بعض كتب اللغة، وأنه يقال:
كم حضر مصاف وكم رأى بيكارا، ونهك العسكر طول البيكار، ويقال:
طال بيكارها، ورأى البيكار بين يديه طويلا، وجمعها بياكير. انتهى.
وفى المقريزى أيضا أن مدينة قوص كانت محلا لنفى أرباب الجرائم، وأنه نفى إليها جماعة من الخلفاء العباسيين، منهم الخليفة المستكفى بالله أبو الربيع سليمان، فقد نفى إليها ومات بها سنة ٧٤٠ ودفن بها، وكان قد نفاه إليها الملك الناصر محمد بن قلاوون سنة