وسبب استدلال المسلمين على هذا السرب هو ما حكاه أوس بن ماجد وكان من أصحاب خالد بن الوليد، قال: لما نزلنا على مريوط بجيشنا أنفذ خالد يوقنا إلى المرمدان برسالة وأقام ينتظر الجواب، فأبطا يوقنا فعلم أنه قبض عليه فاهتم من أجله فلا يكاد ينام من خوفه عليه وعلى أصحابه، وكان معه جواسيس ممن دخل من أهل الذمة فى طاعة المسلمين. فبينما خالد فى همه إذ ورد عليه جواسيسه وأخبروه أن ابن المرمدان قد أقبل من عند الملك أرسطوليس بالخلع والتحف فى خمسمائة فارس، وأنه بلغه الخبر أنكم على حصار أبيه وأنه نزل بعسكره وأثقاله بالبعد من المدينة وقد انفردوا مع خادمين.
وها هو قد أقبل نحو المدينة وما ندرى ما الذى يريد. فقام خالد ومعه غلام اسمه همام وأربعة من أبطال المسلمين وقعدوا عند سفح الجبل ولصقوا بالأرض وإذا بابن المرمدان قد أقبل بخادميه وقصدوا المقابر، فكبسهم خالد وجماعته فى القبة وهم يزيلون التراب، فقبضوا عليهم. وقال لهم خالد:
عرّفونى ما تصنعون فى هذه القبة فإن صدقتم أمنتكم وإن كذبتم أمرت بضرب رقابكم. فقال الغلام: إن أنت أمنتنى حدّثتك. فقال خالد: فقد أمنتك. فبادر إلى/تقبيل يديه وقدميه وقال: يا مولاى وأريد أمانا لأبى ومن يلوذ به فأجابه خالد إلى ذلك.
فأخبره خبر ذهابه إلى الإسكندرية ومجيئه منها، وأن هذه القبة على سرب ينتهى إلى المدينة إلى وسط دار الإمارة، فتهلل وجه خالد فرحا وقبض على الغلام ومن معه وأمر بإزالة ذلك القبر، فبان لهم ممرق فلم يزالوا به حتى انفتح. فبعث خالد يستدعى الأبطال فاستدعى ثلاثمائة ثم أوقدوا المشاعل ودخلوا فى السرب حتى وصلوا إلى الباب الثانى الذى فى دار الإمارة، وفتحت لهم زين أخت مارية القبطية.
ثم أن خالدا لما ملك المدينة بعث إلى ذى الكلاع الحميرى ينتخب من الجيش خمسمائة فارس ويسيرهم إلى خمسمائة فارس من الروم، وكان أرسلهم